أنا من رسول الله صلى الله عليه وآله كالصنو من الصنو والذراع من العضد، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرصة (1) من رقابها لسارعت إليها، و سأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة (2) من بين حب الحصيد، إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك، أين القرون الذين غررتهم بمداعبك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك؟ ها هم رهائن القبور ومضامين اللحود، والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبا حسيا لاقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر، هيهات من وطئ دحضك زلق ومن ركب لججك غرق، ومن أزور عن حبالك وفق، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه، اعزبي عني فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني، وأيم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رئاضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما ولادعن مقلتي كعين ماء نضب معينها، مستفرغة دموعها، أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك؟ وتشبع الربيضة عن عشبها فتربض؟ ويأكل علي من زاده فيهجع؟ قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية! طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في الليل غمضها حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم، (3) فاتق الله يا ابن حنيف ولتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك. (4)
(٣٤٢)