ماتم عذاره على خده، بذوائب كذوائب الامرأة الحسناء، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: كم لميتكم؟ قال: أحد وأربعون يوما، قال: وما سبب موته؟ فقال الاعرابي: يا فتى إن أهله يريدون أن تحييه ليخبرهم من قتله، لأنه بات سالما وأصبح مذبوحا من اذنه إلى اذنه، ويطالب بدمه خمسون رجلا يقصد بعضهم بعضا فاكشف الشك والريب يا أخا محمد، قال الإمام عليه السلام: قتله عمه، لأنه زوجه ابنته فخلاها وتزوج بغيرها، فقتله حنقا (1) عليه، قال الاعرابي: لسنا نقنع بقولك فإنا نريد أن يشهد لنفسه عند أهله لترتفع الفتنة والسيف والقتال.
فعند ذلك قام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وآله فصلى عليه وقال: يا أهل الكوفة ما بقرة بني إسرائيل بأجل عند الله مني قدرا، وأنا أخو رسول الله، وإنها أحيت ميتا بعد سبعة أيام، ثم دنا أمير المؤمنين عليه السلام من الميت وقال: إن بقرة بني إسرائيل ضرب ببعضها الميت فعاش، و أنا أضرب هذا الميت ببعضي لان بعضي خير من البقرة كلها، ثم هزه برجله و قال له: قم بإذن الله يا مدرك بن حنظلة بن غسان بن بحير بن فهر بن سلامة بن الطيب بن الأشعث، فها قد أحياك الله تعالى على يد علي بن أبي طالب، قال ميثم التمار: فنهض غلام أضوء من الشمس أضعافا ومن القمر أوصافا، فقال: لبيك لبيك يا حجة الله على الأنام المتفرد بالفضل والانعام، فعند ذلك قال: يا غلام من قتلك؟ قال: قتلني عمي الحارث بن غسان، قال له الإمام عليه السلام: انطلق إلى قومك فأخبرهم بذلك، فقال: يا مولاي لا حاجة لي إليهم، أخاف أن يقتلوني مرة أخرى ولا يكون عندي من يحييني، قال: فالتفت الامام إلى صاحبه وقال له: امض إلى أهلك فأخبرهم، قال: يا مولاي والله لا أفارقك بل أكون معك حتى يأتي الله بأجلي من عنده، فلعن الله من اتضح له الحق وجعل بينه وبين الحق سترا، ولم يزل بين يدي أمير المؤمنين حتى قتل بصفين، ثم إن أهل الكوفة رجعوا إلى الكوفة