من نفسي خيانة قط، وإني أعلم أنك أعلم بي مني، وإني ما كذبت فيما قلت ففرج عني يا مولاي، قال عمار: فعند ذلك أخذ الامام ذا الفقار وصعد المنبر فقال:
الله أكبر الله أكبر " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " ثم قال عليه السلام علي بداية (1) الكوفة، فجاءت امرأة تسمى لبناء وهي قابلة نساء أهل الكوفة، فقال لها: اضربي بينك وبين الناس حجابا وانظري هذه الجارية عاتق حامل أم لا، ففعلت ما أمر به ثم خرجت وقالت: نعم يا مولاي هي عاتق حامل، فعند ذلك التفت الامام إلى أبي الجارية وقال: يا أبا الغضب ألست من قرية كذا وكذا من أعمال دمشق؟ قال: وما هذه القرية؟ قال: هي قرية تسمى أسعار، قال: بلى يا مولاي قال: ومن منكم يقدر على قطعة ثلج في هذه الساعة؟ قال: يا مولاي الثلج في بلادنا كثير ولكن ما نقدر عليه ههنا، فقال عليه السلام: بيننا وبينكم مائتان وخمسون فرسخا؟
قال: نعم يا مولاي، ثم قال: يا أيها الناس انظروا إلى ما أعطاه الله عليا من العلم النبوي والذي أودعه الله ورسوله من العلم الرباني، قال عمار بن ياسر: فمد يده عليه السلام من أعلى منبر الكوفة وردها وإذا فيها قطعة من الثلج يقطر الماء منها فعند ذلك ضج الناس وماج الجامع بأهله، فقال عليه السلام: اسكتوا فلو شئت أتيت بجبالها، ثم قال: يا داية خذي هذه القطعة من الثلج واخرجي بالجارية من المسجد واتركي تحتها طشتا، وضعي هذه القطعة مما يلي الفرج، فسترى علقة وزنها سبع مائة وخمسون درهما ودانقان، فقالت: سمعا وطاعة لله ولك يا مولاي، ثم أخذتها وخرجت بها من الجامع فجاءت بطست فوضعت الثلج على الموضع كما أمرها عليه السلام فرمت علقة وزنتها الداية فوجدتها كما قال عليه السلام، فأقبلت الداية والجارية فوضعت العلقة بين يديه، ثم قال: يا أبا الغضب خذا بنتك فوالله ما زنت وإنما دخلت الموضع الذي فيه الماء فدخلت هذه العلقة في جوفها وهي بنت عشر سنين، وكبرت إلى الآن في بطنها، فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر وأنت باب الدين وعموده.