شعاع قد لمع، فتأملوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ما هذا الرهج (1) في مسجد رسول الله؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين إن الشاب المقدسي الزاهد قد سرق وفسق، فقال عليه السلام: والله ما سرق ولا فسق ولا حج أحد غيره، فلما سمع عمر كلامه قام قائما على قدميه وأجلسه موضعه، فنظر إلى الشاب المقدسي وهو مسلسل وهو مطرق إلى الأرض والمرأة جالسة، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام:
ويلك قصي قصتك، قالت: يا أمير المؤمنين إن هذا الشاب قد سرق مالي وقد شاهد الوفد مالي في مزادته، وما كفاه ذلك حتى كانت ليلة من الليالي حيث قربت منه فاستغرقني بقراءته واستنامني، فوثب إلي وواقعني، وما تمكنت من المدافعة عن نفسي خوفا من الفضيحة، وقد حملت منه.
فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت يا ملعونة فيما ادعيت عليه، يا أبا حفص إن هذا الشاب مجبوب ليس معه إحليل، وإحليله في حق من عاج، ثم قال: يا مقدسي أين الحق؟ فرفع رأسه وقال: يا مولاي من علم بذلك يعلم أين الحق فالتفت إلى عمر وقال له: يا أبا حفص قم فأحضر وديعة الشاب، فأرسل عمر فأحضر الحق بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام، ففتحوه وإذا فيه خرقة من حرير وفيها إحليله فعند ذلك قال الإمام عليه السلام: قم يا مقدسي، فقام فجردوه من ثيابه لينظروه وليحقق من اتهمه بالفسق، (2) فجردوه من ثيابه فإذا هو مجبوب، فعند ذلك ضج العالم فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: اسكتوا واسمعوا مني حكومة أخبرني بها رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم قال: يا ملعونة لقد تجرأت على الله تعالى، ويلك أما أتيت إليه وقلت له كيت وكيت فلم يجبك إلى ذلك؟ فقلت له: والله لأرمينك بحيلة من حيل النساء لا تنجو منها؟ فقالت: بلى يا أمير المؤمنين كان ذلك، فقال عليه السلام: ثم إنك استنمتيه وتركت الكيس في مزادته، أقري؟ فقالت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: اشهدوا