فلم أجدها، فأتيت منزل الحارث الهمداني من ساعتي أشكو إليه ما أصابني، وأخبرته بالخبر، فقال: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين عليه السلام حتى نخبره، فانطلقنا إليه فأخبره الخبر (1)، فقال أمير المؤمنين عليه السلام للحارث: انصرف إلى منزلك وخلني واليهودي فأنا ضامن لحميره وطعامه حتى أردها له (2)، فمضى الحارث إلى منزله وأخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيدي حتى أتينا الموضع الذي افتقدت حميري وطعامي، فحول وجهه عني وحرك شفتيه ولسانه بكلام لم أفهمه، ثم رفع رأسه فسمعته يقول:
والله ما على هذا بايعتموني يا معشر الجن (3)، وأيم الله لئن لم تردوا على اليهودي حميره وطعامه لأنقضن عهدكم ولأجاهدنكم في الله حق جهاده، قال: فوالله ما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من كلامه حتى رأيت حميري وطعامي بين يدي (4)، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: اختر يا يهودي إحدى خصلتين: إما أن تسوق حميرك وأحثها عليك أو أسوقها أنا وتحثها علي أنت، قال: قلت: بل أسوقها وأنا أقوى على حثها وتقدم أنت يا أمير المؤمنين عليه السلام أمامها إلى الرحبة (5)، فقال: يا يهودي إن عليك بقية من الليل فاحفظ حميرك حتى تصبح وحط أنت عنها أو أحط أنا عنها وتحفظ أنت (6)، فقلت: يا أمير المؤمنين أنا قوي (7) على حطها وأنت على حفظها حتى يطلع الفجر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: خلني وإياها ونم أنت حتى يطلع الفجر فلما طلع الفجر انتبهت، فقال: قم قد طلع الفجر فاحفظ حميرك وليس عليك بأس ولا تغفل عنها حتى أعود إليك إن شاء الله تعالى.