وإن لي نخلا كثير فما فيه نخلة أعجب إلي تمرة منها؟ فقال له الآخر: أتريد بيعها؟ فقال: لا إلا أن اعطى بها مالا أظنه اعطى، قال: فما مناك؟ قال: أربعون نخلة، فقال الرجل: جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة، ثم سكت عنه فقال له: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: أشهد إن كنت صادقا، فمر إلى ناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة، ثم ذهب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إن النخلة قد صارت في ملكي، فهي لك، فذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صاحب الدار فقال له: النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تعالى: " والليل إذا يغشى " السورة، وعن عطا قال: اسم الرجل أبو الدحداح " فأما من أعطى واتقى " هو أبو الدحداح " و أما من بخل واستغنى " هو صاحب النخلة.
وقوله: " لا يصلاها إلا الأشقى " هو صاحب النخلة " وسيجنبها الأتقى " أبو الدحداح " ولسوف يرض " إذا أدخله الجنة، قال: فكان النبي (صلى الله عليه وآله) يمر بذلك الحش وعذوقه دانية فيقول: عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة، والأولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كل من يعطي حق الله من ماله، وكل من يمنع حقه سبحانه، وروى العياشي ذلك بإسناده عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) (1).
أقول: سيأتي الاخبار في ذلك في أبواب الصدقات.
قوله تعالى: " ألهيكم التكاثر " قال الطبرسي رحمه الله: قيل: نزلت السورة في اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا، عن قتادة، وقيل: نزلت في فخذ من الأنصار تفاخروا عن أبي بريدة، وقيل: نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف بن قصي، وبني سهم بن عمرو، تكاثروا وعدوا أشرافهم فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعد موتانا حتى زاروا القبور فعدوهم فقالوا: هذا قبر فلان، وهذا قبر فلان، فكثرهم بنو سهم، لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية، عن مقاتل والكلبي (2).