أنبل شئ كان معه: آنية منقوشة بالذهب مكللة وقلادة، فقالوا: (1) ما دفعه إلينا قد أديناه إليكم، فقدموهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأوجب عليهما اليمين فحلفا و أطلقهما، ثم ظهرت القلادة والآنية عليهما فأخبروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فانتظر الحكم من الله، فأنزل الآية إلى قوله: " أو آخران من غيركم " يعني من أهل الكتاب فأطلق الله شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلم " من بعد الصلاة " يعني بعد صلاة العصر " فيقسمان بالله " إلى قوله: " إنا إذا لمن الآثمين " فهذه الشهادة الأولى التي حلفها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال عز وجل:
" فإن عثر على أنهما استحقا إثما " أي حلفا على كذب " فآخران يقومان مقامهما " يعني من أولياء المدعي " فيقسمان بالله " أي يحلفان بالله " لشهادتنا أحق من شهادتهما " وإنهما قد كذبا فيما حلفا بالله، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به، فأخذ الآنية (2) والقلادة من ابن بندي وابن أبي مارية وردهما على أولياء تميم (3).
10 - تفسير علي بن إبراهيم: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم " الآية، فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أصحاب الصفة، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعاهدهم بنفسه، و ربما حمل إليهم ما يأكلون، وكانوا يختلفون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون ذلك عليه (4) ويقولون (5) له: اطردهم عنك، فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده رجل من أصحاب الصفة قد لزق برسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يحدثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): تقدم، فلم يفعل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): لعلك خفت أن يلزق فقره بك؟ فقال الأنصاري: اطرد هؤلاء