ما يأمرنا محمد إلا بمكارم الأخلاق، فذلك قوله: " أعطى قليلا وأكدى " أي لم يؤمن به، عن محمد بن كعب (1).
وقال رحمه الله في قوله: " يؤتكم كفلين من رحمته " أي نصيبين: نصيبا لايمانكم بمن تقدم من الأنبياء، ونصيبا لايمانكم بمحمد (صلى الله عليه آله) عن ابن عباس " ويجعل لكم نورا تمشون به " أي هدى تهتدون به، وقيل: هو القرآن، ثم قال: قال سعيد بن جبير: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعفرا في سبعين راكبا إلى النجاشي يدعوه فقدم عليه فدعاه فاستجاب له وآمن به، فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا: أئذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به (2) فقدموا مع جعفر، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا رسول الله ((صلى الله عليه وآله) وقالوا:
يا نبي الله إن لنا أموالا، ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة، فان أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها، فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين، فأنزل الله تعالى فيهم: " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " إلى قوله: " ومما رزقناهم ينفقون " فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن به قوله: " أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " فخروا على المسلمين فقالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابنا و كتابكم فله أجر كأجوركم (3) فما فضلكم علينا؟ فنزل قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله " الآية، فجعل لهم أجرين، وزادهم النور والمغفرة ثم قال: " لئلا يعلم أهل الكتاب " وقال الكلبي: كان هؤلاء أربعة وعشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بمكة لم يكونوا يهودا ولا نصارى، و كانوا على دين الأنبياء فأسلموا، فقال لهم أبو جهل، بئس القوم أنتم والوفد لقومكم فردوا عليه: " وما لنا لا نؤمن بالله " الآية، فجعل الله لهم ولمؤمني أهل الكتاب