وقال رحمه الله في قوله تعالى: " أحسب الناس " قيل: نزلت في عمار بن ياسر وكان يعذب في الله عن ابن جريج، وقيل: نزلت في أناس مسلمين كانوا بمكة فكتب إليهم من (1) في المدينة أنه لا يقبل منكم الاقرار بالاسلام حتى تهاجروا فخرجوا إلى المدينة فأتبعهم المشركون فآذوهم وقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا عن الشعبي وقيل إن أراد بالناس الذين آمنوا بمكة سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد ابن الوليد وعمار بن ياسر وغيرهم عن ابن عباس (2).
وفي قوله تعالى: " ومن الناس من يقول ": قال الكلبي: نزلت في عياش ابن أبي ربيعة المخزومي، وذلك أنه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي (صلى الله عليه وآله) فحلفت أمه أسماء بنت مخزمة بن أبي جندل التميمي أن لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل كنا حتى يرجع إليها، فلما رأى ابناها أبو جهل والحارث ابنا هشام وهما أخوا عياش لامه جزعها ركبا في طلبه حتى أتيا المدينة فلقياه وذكرا له القصة، فلم يزالا به حتى أخذ عليهما المواثيق أن لا يصرفاه عن دينه وتبعهما وقد كانت أمه صبرت ثلاثة أيام ثم أكلت وشربت فلما خرجوا من المدينة أخذاه فأوثقاه كتافا وجلده كل واحد منهما مائة جلدة فبرئ من دين محمد (صلى الله عليه وآله) جزعا (3) من الضرب، وقال مالا ينبغي، فنزلت الآية وكان الحارث أشدهما عليه، فحلف عياش لئن قدر عليه خارجا من الحرم ليضربن عنقه، فلما رجعوا إلى مكة مكثوا حينا ثم هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنون إلى المدينة وهاجر عياش وحسن إسلامه وأسلم الحارث بن هشام وهاجر إلى المدينة وبايع النبي (صلى الله عليه وآله) على الاسلام، ولم يحضر عياش فلقيه عياش يوما بظهر قبا لم يشعر بإسلامه فضرب عنقه، فقيل له: إن الرجل قد أسلم، فاسترجع عياش وبكى ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك فنزل: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ "