الله عز وجل، ثم إنه جذبني وأجلسني، وقال لي: اكتب عملك، فقلت: إني لا أحصيه، فقال لي: أما سمعت قول ربك: " أحصاه الله ونسوه (1) " ثم قال لي:
اكتب وأنا املي عليك، فقلت: أين البياض؟ فجذب جانبا من كفني فإذا هو رق فقال: هذه صحيفتك، فقلت: من أين القلم؟ قال سبابتك، فقلت: من أين المداد قال: ريقك، ثم أملى قال تعالى: " ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا (2) " ثم إنه أخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوقه في عنقي، فخيل لي أن جبال الدنيا جميعا قد طوقوها في عنقي، فقلت له: يا منبه ولم تفعل بي كذا؟ قال: ألم تسمع قول ربك: " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك بنفسك اليوم عليك حسيبا (3) " فهذا تخاطب به يوم القيامة ويؤتى بك وكتابك بين عينيك منشورا، تشهد فيه على نفسك، ثم انصرف عني فأتاني منكر بأعظم منظر وأوحش شخص، وبيده عمود من الحديد، لو اجتمعت عليه الثقلان ما خركوه، ثم إنه صاح بي صيحة لو سمعها، أهل الأرض لماتوا جميعا، ثم قال لي:
يا عبد الله أخبرني من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وما عليه أنت؟ وما قولك في دار الدنيا؟
فاعتقل لساني من فزعه، وتحيرت في أمري، وما أدري ما أقول، وليس في جسمي عضو إلا فارقني من الخوف، فأتتني رحمة من ربي فأمسك (4) قلبي، وأطلق بها لساني، فقلت له: يا عبد الله لما تفزعني وأنا أعلم أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وأن الله ربي، ومحمد (5) نبيي، والاسلام، والقرآن كتابي، والكعبة قبلتي وعلي إمامي، والمؤمنون إخواني، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، فهذا قولي واعتقادي، وعليه ألقى ربي في معادي، فعند ذلك