رداءه عن كتفيه، فرأى سلمان الشأمة، فوقع عليها فقبلها، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، ثم قال: إني عبد ليهودي فما تأمرني؟ قال: اذهب فكاتبه على شئ ندفعه إليه، فصار سلمان إلى اليهودي فقال: إني أسلمت واتبعت هذا النبي على دينه، ولا تنتفع بي، فكاتبني على شئ أدفعه إليك وأملك نفسي فقال اليهودي: أكاتبك على أن تغرس لي خمسمائة نخلة، وتخدمها حتى تحمل ثم تسلمها إلي، وعلى أربعين أوقية ذهبا جيدا، وانصر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك، قال (صلى الله عليه وآله): اذهب فكاتبه على ذلك، فمضى سلمان وكاتبه على ذلك وقدر اليهودي أن هذه شئ لا يكون إلا بعد سنين، وانصرف سلمان بالكتاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اذهب فائتني بخمسمائة نواة.
وفي رواية الحشوية: بخمسمائة فسيلة.
فجاء سلمان بخمسمائة نواة، فقال: سلمها إلى علي، ثم قال لسلمان: اذهب بنا إلى الأرض التي طلب النخل فيها، فذهبوا إليها، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يثقب (1) الأرض بإصبعه، ثم يقول لعي: ضع في الثقب (2) نواة، ثم يرد التراب عليها و يفتح رسول الله أصابعه فينفجر الماء من بينها، فيسقى ذلك الموضع، ثم يصير إلى موضع ثان (3) فيفعل بها كذلك، فإذا فرغ من الثانية تكون الأولى قد نبتت ثم يصير إلى موضع الثالثة فإذا فرغ منها تكون الأولى قد حملت، ثم يصير إلى موضع رابع وقد نبتت الثالثة وحملت الثانية، وهكذا حتى فرغ من غرس الخمسمائة وقد حملت كلها، فنظر اليهودي، وقال: صدقت قريش أن محمدا ساحر، وقال:
قد قبضت منك النخل فأين الذهب؟ فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجرا كان بين يديه فصار ذهبا أجود ما يكون، فقال اليهودي: ما رأيت ذهبا قط مثله، وقدره مثل تقدير عشر أواقي، فوضعه في الكفة فرجح فزاد عشرا، فرجح حتى صار أربعين أوقية