إذا انكبت (1) القدر على وجهها على الأرض فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها (2) شئ فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا، وأخذ سلمان القدر فوضعها على حالها الأول على النار ثانية، وأقبلا يتحدثان، فبينما هما يتحدثان إذا انكبت القدر على وجهها فلم يسقط منها شئ من مرقها ولا من ودكها قال فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان، فبينما هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) على الباب، فلما أن بصر به أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له: يا با ذر ما الذي أخرجك وما الذي ذعرك (3)؟ فقال له أبو ذر: يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا فعجبت من ذلك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا با ذر إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت: رحم الله قاتل سلمان يا با ذر إن سلمان باب الله في الأرض، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، وإن سلمان منا أهل البيت (4).
13 - الفضائل: حدثنا الامام شيخ الاسلام أبو الحسن بن علي بن محمد المهدي بالاسناد الصحيح عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: كنت مع سلمان الفارسي رحمه الله وهو أمير المدائن في زمان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وذلك أنه قد ولاه المدائن عمر بن الخطاب، فقام إلى أن ولى الامر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال الأصبغ: فأتيته يوما وقد مرض مرضه الذي مات فيه، قال: فلم أزل أعوده في مرضه حتى اشتد به الامر وأيقن الموت، قال: فالتفت إلي وقال لي: يا أصبغ عهدي برسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يا سلمان سيكلمك ميت إذا دنت وفاتك، وقد اشتهيت أن أدري وفاتي دنت أم لا، فقال الأصبغ: بماذا تأمر يا سلمان يا أخي؟ قال له:
تخرج وتأتيني بسرير وتفرش عليه ما يفرش للموتى، ثم تحملني بين أربعة فتأتون بي إلى المقبرة، فقال الأصبغ: حبا وكرامة، فخرجت مسرعا وغبت ساعة وأتيته بسرير وفرشت عليه ما يفرش للموتى، ثم أتيته بقوم حملوه حتى أتوا به إلى المقبرة