وقيل: إنه أبو عامر النعمان بن صيفي الراهب الذي سماه النبي (صلى الله عليه وآله) الفاسق، كان قد ترهب في الجاهلية، ولبس المسوح، فقدم المدينة فقال للنبي (صلى الله عليه وآله): ما هذا الذي جئت به؟ قال: جئت بالحنيفية دين إبراهيم، قال: فأنا عليها فقال (صلى الله عليه وآله): " لست عليها لكنك أدخلت فيها ما ليس منها " فقال أبو عامر: أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا، فخرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا السلاح، ثم أتى قيصر وأتى بجند ليخرج النبي (صلى الله عليه وآله) من المدينة، فمات بالشام طريدا وحيدا، عن سعيد بن المسيب، وقيل: المعني به منافقو أهل الكتاب الكتاب الذين كانوا يعرفون النبي (صلى الله عليه وآله) كما يعرفون أبناءهم، وقال أبو جعفر (عليه السلام): الأصل في ذلك بلعم، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة (1).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " لا تخونوا الله " قال عطا: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا، قال: فكتب إليه رجل من المنافقين: إن محمد يريدكم، فخذوا حذركم، فأنزل الله هذه الآية، وقال السدي: كانوا يسمعون الشئ من النبي (صلى الله عليه وآله) فيفشونه حتى يبلغ المشركين، و قال الكلبي والزهري: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصلح على ما صالح إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام، فأبى أن يعطيهم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة، وكان مناصحا لهم، لان عياله وولده وماله كانت عندهم فبعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتاهم فقالوا: ما ترى يا أبا لبابة؟
أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا، فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد