أخفاه في نفسه هو أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه، وأن زيدا سيطلقها فلما جاء زيد وقال له: أريد أن اطلق زينب قال له: أمسك عليك زوجك، فقال سبحانه: لم قلت: أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك؟ و روي ذلك عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، وهذا التأويل مطابق لتلاوة القرآن، وذلك أنه سبحانه أعلم أنه يبدي ما أخفاه ولم يظهر غير التزويج فقال: " زوجناكها " فلو كان الذي أضمره محبتها أو إرادة طلاقها لأظهر الله تعالى ذلك مع وعده بأنه يبديه، فدل ذلك على أنه عوتب على قوله: أمسك عليك زوجك، مع علمه بأنها ستكون زوجته، وكتمانه ما أعلمه الله به حيث استحيى أن يقول لزيد: إن التي تحتك ستكون امرأتي، قال البلخي: ويجوز أيضا أن يكون على ما يقولونه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) استحسنها فتمنى أن يفارقها فيتزوجها وكتم ذلك، لان هذا التمني قد طبع عليه البشر ولا حرج على أحد في أن يتمنى شيئا استحسنه وقيل: إنه (صلى الله عليه وآله) إنما أضمر أن يتزوجها، إن طلقها زيد من حيث أنها كانت ابنة عمته، فأراد ضمها إلى نفسه لئلا يصيبها ضيعة، كما يفعل الرجل بأقاربه، عن الجبائي قال: فأخبر الله سبحانه الناس بما كان يضمره من إيثار ضمها إلى نفسه ليكون ظاهره مطابقا لباطنه، وقيل: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يريد أن يتزوج إذا فارقها، ولكنه عزم أن لا يتزوجها مخافة أن يطعنوا عليه فأنزل الله هذه الآية كيلا يمتنع من فعل المباح خشية الناس، ولم يرد بقوله: " والله أحق أن تخشاه " خشية التقوى، لأنه (صلى الله عليه وآله) كان يتقي الله حق تقاته ويخشاه فيما يجب أن يخشى فيه، ولكنه أراد خشية الاستحياء، لان الحياء كان غالبا على شيمته الكريمة كما قال سبحانه: " وإن ذلكم كان يؤذي النبي (صلى الله عليه وآله) فيستحيي منكم (1) " وقيل: إن زينب كانت شريفة فزوجها شرفا بأن يتزوجها، لأنه كان السبب في تزويجها من زيد، فعزم أن يتزوج بها إذا فارقها، وقيل: إن العرب كانوا ينزلون الأدعياء منزلة الأبناء في الحكم
(١٧٨)