للحكيم أن يكون عباسا في غير أرب (1)، ولا ضحاكا من غير عجب، أولم يبلغكما عن سيدكما المسيح قال: فضحك العالم في غير حينه غفلة من قلبه، أو سكرة ألهته عما في غده، قال السيد: يا حارثه إنه لا يعيش والله أحد بعقله حتى يعيش بظنه، وإذا أنا لم أعلم إلا ما رويت فلا علمت، أولم يبلغك أنت عن سيدنا المسيح علينا سلامه أن لله عبادا ضحكوا جهرا من سعة رحمة ربهم، وبكوا سرا من خيفة ربهم؟
قال: إذا كان هذا فنعم، قال فما هنا فلتكن (2) مراجم ظنونك بعباد ربك، و عد بنا إلى ما نحن بسبيله، فقد طال التنازع والخصام بيننا يا حارثة، قالوا: وكان مجلسا ثالثا في يوم ثالث من اجتماعهم للنظر في أمرهم.
فقال السيد: يا حارثة ألم ينبئك أبو واثلة بأفصح لفظ اخترق (3) اذنا وعاد لك (4) بمثله مخبرا فألفاك مع عزما تك (5) بموارده حجرا، وها أنا ذا أؤكد عليك التذكرة بذلك من معدن ثالث فأنشدك الله وما أنزل إلى كلمة، من كلماته، هل تجد في الزاجرة المنقولة من لسان أهل سوريا (6) إلى لسان العرب يعنى صحيفة شمعون بن حمون (7) الصفا التي توارثها عنه أهل نجران، قال السيد: ألم يقل بعد نبذ طويل من كلام: فإذا طبقت وقطعت الأرحام وعفت (8) الاعلام بعث الله (9) عبده الفارقليطا (10) بالرحمة والمعدلة، قالوا: وما الفارقليطا (11) يا مسيح الله؟ قال: أحمد النبي الخاتم الوارث، ذلك الذي يصلى عليه حيا ويصلى عليه بعد ما يقبضه إليه بابنه الطاهر الخابر (12)، ينشره الله في آخر الزمان، بعد ما انفصمت (13) عرى الدين، وخبت مصابيح الناموس، وأفلت نجومه، فلا يلبث ذلك العبد الصالح إلا