وأما النيشابوري فقد ذكر في تفسيره الروايتين مثل ما مر، ثم قال بعد قوله:
" ويطهر كم تطهيرا " وهذه الرواية كالمتفق على صحتها، ثم ساق الكلام نحوا مما ساقه الرازي في الاستدلال والجواب، ثم قال: وأما فضل أصحاب الكساء فلا شك في دلالة الآية على ذلك، ولهذا ضمهم إلى نفسه، بل قدمهم في الذكر، وفيها أيضا دلالة على صحة نبوته صلى الله عليه وآله، فإنه لو لم يكن واثقا بصدقه لم يتجرأ على تعريض أعزته وخويصته وأفلاذ كبده في معرض الابتهال ومظنة الاستيصال.
وقال البيضاوي: بعد تفسير الآية وإيراد خبر المباهلة: وهو دليل على نبوته وفضل من أتى بهم من أهل بيته (1).
أقول: سيأتي تمام القول في الاستدلال بالآية والاخبار على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الأخبار المروية في هذا الباب في أبواب الآيات النازلة في شأنه عليه السلام.
وقال السيوطي في الدر المنثور: أخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة ابن عبد يشوع عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان: " بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران، إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم و إسحاق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام ". فلما قرأ الأسقف الكتاب قطع به وذعر ذعرا شديدا، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شر حبيل بن وداعة، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأه فقال له الأسقف: ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يؤمن أن يكون هذا الرجل، ليس لي في النبوة رأي، لو كان أمر من أمور الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك، فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران، فكلهم قال مثل قول شرحبيل، فاجتمع رأيهم على أن