عذابا عظيما ".
ورووا في حقها مثل هذه الأخبار المتقدم ذكرها التي يحتمل الشهادة عليها بالذم.
(قال عبد المحمود): إنني لأعجب ممن يدعي أن عائشة تائبة فيما جرى على يديها من سفك دماء من قتل في حرب البصرة، وهذا المدعي يعلم يقينا أنها ما طافت على أولياء المقتولين والمظلومين بطريق المصانعة، ولا أرسلت إليهم ولا التفتت إلى إبراء ذمتها مما جرت الحال عليه من تلف النفوس والأموال وخراب ما خرب من الأموال والمزارع.
أفهكذا تكون التوبة من الدماء والأنفس والأموال والحقوق الربانية وحقوق المسلمين؟ إن دعوى توبتها من الفضائح المظهرة للمعصية التي لا تليق بالعقل والدين، وإنهم لم يلتفتوا إلى ذلك كله وشهدوا لها بالإيمان ومدحوها.
ثم تظاهروا بالشهادة على أبي طالب عليه السلام عم نبيهم وكفيله بأنه مات كافرا، وكذبوا الأخبار الصحيحة المتضمنة لإيمانه، وردوا شهادة عترة نبيهم صلوات الله عليهم الذين رووا أنهم لا يفارقون كتاب ربهم، وإنني وجدت علماء هذه العترة مجمعين على إيمان أبي طالب عليه السلام، وما رأيت هؤلاء الأربعة المذاهب كابروا فيمن قيل عنه أنه مسلم مثل هذه المكابرة، وما زال الناس يشهدون بالإيمان لمن يخبر عنه مخبر بذلك، أو يرى عليه صفة تقتضي الإيمان وسوف أورد لك بعض ما أوردوا في كتبهم برواية رجالهم من الأخبار الدالة لفظا أو معنى تصريحا أو تلويحا بإيمان أبي طالب عليه السلام، ويظهر لك أن شهادتهم عليه بالكفر ليست إلا عداوة لولده علي بن أبي طالب عليه السلام أو لبني هاشم.