أقول: وان جنحت نفس العبد عن طلب العفو على قدر الذنب ومقدار ما يليق بالرب، فليفد نفسه إلى مجلس القود منه (١)، إذا لم يطمع في العفو عنه، ويكون عليه آثار صدق الحضور بين يدي من يستقيد من مهجته ونفسه، خاضعة خائفة من الاستقصاء عليه في مؤاخذته.
أقول: فان تعذر عليه حصول الصدق في هذه الحال، وأبت نفسه المعودة للاهمال الا أن يكون حديثها لله جل جلاله وبين يديه بمجرد اللفظ والمقال، والقلب خال عن الاقبال، فليشرع في دعاء أهل البلاء والابتلاء.
فقد بلغ إجابة الدعاء إلى إبليس المصر على الذنوب، حيث قال عنه علام الغيوب في سؤاله: اجعلني من المنظرين، فقال له في حال الغضب عليه: ﴿إنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم﴾ (2).
ويجتهد على عبرات تطفئ نيران الغضب، وعلى دعوات معروفة بلزوم الأدب، وتسليم العمل الذي عمله في شهره، إلى من كان قد جعله خفيرا وحاميا ومالكا لأمره، فلعل الله جل جلاله لعنايته بخاصته يقبل العمل من يد نائبه الحافظ لشريعته، ويتمم ما فيه من النقصان وتربح ما اشتملت عليه بضاعته من الخسران إن شاء الله تعالى.
ومنها: الاستعداد لدخول شوال واطلاق الشياطين الذين كانوا في الاعتقال (3):
واعلم أن كل عارف باخبار صاحب النبوة واسرارها، ومهتد بآثارها وأنوارها، يكون عنده تصديق باعتقال الشياطين في أول شهر رمضان، اطلاقهم عند انفصال الشهر، وتمكنهم من الانسان.
فليكن على وجه العبد الصائم وظاهر أحواله اثر التصديق بقول النبي صلى الله عليه وآله، ويتصل في السلامة عن الأعداء المطلقين على قدر ضررهم واجتهادهم في افساد الدنيا والدين، على صفة ما لو كان جيش الأعداء قد هجم عليه، فاعتقلهم سلطان