وصنف: فكروا في ما عمل مولاهم من قبل انشائهم بطول بقائهم، ومن أول آبائهم إلى حين فنائهم، وما يحتاجون ان يعمل معهم في دار بقائهم، فاستحقروا ما كانوا فيه من أعمالهم، ولم يبق لها محل في حضرة ابتهالهم، وما بقي لهم لسان حال ولا بيان مقال يذكرونها في حضرة آمالهم وسؤالهم، بل مدوا الكف لسان الحال قبل الوجود إلى كعبة الكرم والجود.
وصنف خرجوا إلى الله جل جلاله قد لبسوا خلع المعرفة بقدر المنة عليهم، وباقباله جل جلاله عليهم وحضورهم للإحسان إليهم، وليس لهم فاطر ولا ناظر يتردد منذ نشروا إلى حيث حضروا، في غير طرق الاعتراف بالمنن للمالك الأرحم، والاشتغال بحمد جلاله الأعظم.
ويتمنى لسان حالهم ان لو كان لهم قدرة أن يكونوا موجودين في الأزل وما لا يزال مع وجوده، وكل منهم باذل غاية مجهوده في خدمة معبوده وشكر جوده، لرأى ذلك قاصرا عن مقصوده، ولولا خوف المخالفة لما يراه، لتمني كل منهم أن لا يفارق باب الخدمة دنياه وآخرته.
فما أسعد موقف هؤلاء العبيد في يوم العيد، فاقتد أيها الأخ بأهل هذا الحظ السعيد، وسر في آثارهم واهتد بأنوارهم.
فصل (9) فيما نذكره مما رويناه من أن يوم العيد يوم أخذ الجوائز روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب وغيره باسناده إلى عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد: أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك، ثم قال: هو يوم الجوائز (1).