جلاله يقرء عليك كلامه بلسانك، فتستمع مقدس كلامه، وتعترف بقدر إنعامه، وتستفهم المراد من آدابه، ومواعظه واحكامه.
فإن قلت: لا يقوم ضعف البشرية والأجزاء الترابية بقدر معرفة حرمة الجلالة الإلهية، فليكن أدبك في الاستماع والانتفاع على مقدار (1)، أنه لو قرأ عليك بعض ملوك الدنيا كلاما قد نظمه، وأراد منك أن تفهم معانيه وتعمل بها وتعظمه، فلا ترض لنفسك وأنت مقر بالاسلام أن يكون الله جل جلاله، دون مقام ملك في الدنيا، يزول ملكه لبعض الأحلام.
وإن قلت: لا أقدر على بلوغ هذه المرتبة الشريفة، فلا أقل أن يكون استماعك وانتفاعك بالقراءة المقدسة المنيفة، كما لو جاءك كتاب من والدك، أو ولدك القريب إليك، أو من صديقك العزيز عليك، فإنك إن أنزلت الله جل جلاله وكلامه المعظم دون هذه المراتب، فقد عرضت نفسك الضعيفة لصفقة خاسر أو خائب.
فصل (12) فيما نذكره من دعاء إذا فرغ من تلاوة القرآن رويته بالاسناد المتقدم عند ذكر نشر المصحف الكريم، فيقول عند الفراغ من قراءة بعض القرآن العظيم:
اللهم إني قرأت ما (2) قضيت لي من كتابك، الذي أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه ورحمتك، فلك الحمد ربنا ولك الشكر والمنة، على ما قدرت ووفقت.
اللهم اجعلني ممن يحل حلالك، ويحرم حرامك، ويجتنب معاصيك، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، واجعله لي شفاء ورحمة، وحرزا وذخرا.