وصنف: صاموا لأجل أنهم سمعوا ان الصوم واجب في الشريعة المحمدية صلى الله عليه وآله، فكأن صومهم بمجرد هذه النية من غير معرفة بسبب الايجاب، ولا ما عليهم لله جل جلاله من المنة في تعريضهم بسعادة الدنيا ويوم الحساب، فلا يبعد ان يكونوا متعرضين للعتاب.
وصنف: صاموا وقصدوا بصومهم ان يعبدوا الله كما قدمناه، لأنه أهل للعبادة، فحالهم حال أهل السعادة.
وصنف: صاموا معتقدين ان المنة لله جل جلاله عليهم في صيامهم وثبوت أقدامهم، عارفين بما في طاعته من إكرامهم وبلوغ مرامهم، فهؤلاء أهل الظفر بكمال العنايات وجلال السعادات.
أقول: واعلم أن لأهل الصيام مع استمرار الساعات واختلاف الحركات والسكنات [درجات] (1)، في أنهم ذاكرون انهم بين يدي الله جل جلاله، وانه مطلع عليهم، وما يلزمهم لذلك من اقبالهم عليه، ومعرفة حق احسانه إليهم.
فحالهم في الدرجات على قدر استمرار المراقبات، فهم بين متصل الاقبال مكاشف ذلك الجلال، وبين متعثر بأذيال الاهمال، وناهض من تعثره (2) بامساك يد الرحمة له والافضال، ولا يعلم تفصيل مقدار مراقباتهم وتكميل حالاتهم، الا المطلع على اختلاف ارادتهم.
فارحم روحك أيها العبد الضعيف الذي قد أحاط به التهديد والتخويف، وعرض عليه التعظيم والتبجيل والتشريف.
فصل (25) فيما نذكره من فضل الخلوة بالنساء لمن قدر على ذلك أول ليلة من شهر رمضان، ونية ذلك اعلم أن الخلوة بالنساء أول شهر رمضان من جملة العبادات، فلا تخرجها بطاعة