العفو وكما تحب أن يعفو المليك عنك، فاعف عنا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا، ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحق، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها.
فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح، فإنه يقول: ﴿وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ (1).
قال: وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح، ويقول: رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن ظلمنا، كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤالا (2) ومساكين، وقد أنخنا بفنائك وببابك، نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا، ولا تخيبنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، إلهي كرمت فأكرمي، إذ كنت من سؤالك، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم.
ثم يقبل عليهم ويقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني ومما كان مني إليكم من سوء ملكة، فاني مليك سوء، لئيم ظالم، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل، فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا وما أسأت.
فيقول لهم قولوا: اللهم أعف عن علي بن الحسين كما عفى عنا، وأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، فيقول: اللهم آمين يا رب العالمين، اذهبوا فقد عفوت عنكم، وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي فيعتقهم.
فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس، وما من سنة إلا وكان يعتق فيها آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقل أو أكثر.