ومما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعبكري رضي الله عنه، باسناده عن زارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج من بيتك الا بعد طلوع الشمس (1).
فصل (8) فيما نذكره من النية في توجهه إلى صلاة العيد أيها الأخ المقبل باقبال مولاه عليه، لتعلم كيف تحضر بين يديه، ارحم ضعف روحك واقبل مشورة نصيحك، وأفكر في تعظيم من هو مقبل عليك، وطهر قلبك من الشواغل التي تحول بينك وبين احسانه إليك، ووف المجلس ما تقدر عليه من حقه العظيم، وامض على ما تريد من الصراط المستقيم.
ولتكن نيتك وقصدك طلب رضاه والدخول في حماه، واعتقاد المنة لله جل جلاله فيما هداك إليه، وأهلك ان تعمله لديه، وقم به إليه قيام التمام بالاقبال عليه.
واعلم أن المتوجهين إلى الله جل جلاله، في اليوم الذي سماه جل جلاله عيدا لعبيده وانجازا لوعده (2)، بالخروج إليه والوفادة عليه، فان الناس المتوجهين فيه على أصناف:
فصنف: خرجوا وقد شغلتهم هيبة الله جل جلاله وعظمته وذهول العقول عن مقابلة حرمته (3) وإجابة دعوته، حتى صاروا كما يصير من لم يحضر ابدا عند خليفة، فاستدعاه للحضور بين يدي عظمته الشريفة، فإنه يكون مترددا بين الحياء والخجالة، للقاء تلك الجلالة، وبين خوف سوء الآداب، وبين أمواج العجز عن الجرأة بالخطاب والتماس الجواب وبين الفكر، فيما إذا عساه يكون قد اطلع الخليفة عليه من أهواله وسوء أعماله، فتشغله هذه الشواغل عن بسط كف سؤاله وإطلاق لسان حاله.