تقية ولمصالح دينية، أو لغير ذلك من التأويلات المرضية.
وقد تقدم ذكرنا انهم عليهم السلام عارفون بليلة القدر وروايات وتأويلات كافية في هذا الأمر.
أقول: وإن كان المراد بهذا إنزال الملائكة والروح فيها ليلة القدر خاصة، فينبغي لمن يعتقد ان ليلة القدر إحدى الثلاث ليال التي ذكرناها، الا يقول في كل يوم من الشهر هذا اللفظ، بل يقول ما معناه:
اللهم إن كنت قضيت أنني أبقى إلى ليلة القدر، فافعل بي كذا وكذا من الدعاء المذكور، وإن كنت قضيت أنني لا أبقى فابقني إلى ليلة القدر، وارزقني فيها كذا وكذا.
وان يطلق اللفظ المذكور في الدعاء يوم ثامن عشر ويوم عشرين منه ويوم اثنين وعشرين، لتجويز أن يكون كل ليلة من هذه الثلاث الليالي المستقبلة ليلة القدر، ليكون الدعاء موافقا لعقيدته ومناسبا لإرادته.
أقول: وإن كان الداعي بهذا الدعاء ممن يعتقد جواز أن يكون ليلة القدر كل ليلة مفردة من الشهر، أو في المفردات من النصف الآخر، أو من العشر الآخر، فينبغي أن يقتصر في هذه الألفاظ التي يقول فيها: وإن قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح فيها، على الأوقات التي يعتقد جواز ليلة القدر فيها، لئلا يكون في دعائه مناقضا بين اعتقاده وبين لفظه بغير مراده.
أقول: وكذا قد تضمن هذا الدعاء وكثير من أدعية شهر رمضان طلب الحج، فلا ينبغي أن يذكر الدعاء بالحج إلا من يريده، واما من لا يريد الحج أصلا، ولو تمكن منه، فان طلبه لما لا يريده ولا يريد أن يوفق له، يكون دعاؤه غلطا منه، وكالمستهزئ الذي يحتاج إلى طلب العفو عنه، بل يقول:
اللهم ارزقني ما ترزق حجاج بيتك الحرام من الانعام والاكرام.
أقول: ولقد سمعت من يدعو بهذا الدعاء على اطلاقه في طلب ليلة القدر من أول يوم من الشهر إلى آخر يوم منه ويقول في آخر يوم، وهو يوم الثلاثين: وإن كنت قضيت في هذا الليلة تنزل الملائكة والروح فيها.