وههنا سؤال مشهور وهو ان إبراهيم عليه السلام أشار بقوله: ولكن ليطمئن قلبي، إلى أن ايمانه يزداد ويتقوى بانضمام المعاينة، والمفهوم من هذا الكلام ان عليا رضي الله عنه لا يتقوى ايمانه بانضمامها وهذا يؤدى إلى تفضيل الولي على النبي (1) عليه الصلاة والسلام.
والجواب ان عليا رضي الله عنه قاله على وجه المبالغة لاعلى وجه التحقيق يعنى انه بالغ في اتصافه بحقيقة الايمان وكمال الاتقان وجعل ما حصل له من التقوى بتقدير المعاينة بمنزلة غير الحاصل. أو نقول: ان درجات السلوك متفاوتة (2) والمقامات غير متناهية فلا يبعد أن يكون صدور هذا القول منه رضي الله عنه في زمان صارت الغيوب فيه كالشهود وهو المسمى في لسان أهل التصوف بأنه بالمكاشفة، وبأنه بالمشاهدة وصدور ما قاله عليه الصلاة والسلام ليس كذلك، ويمكن ان يقال: ان ما أثبت صلى الله عليه وسلم هو الطمأنينة والتقوى وما نفاه علي رضي الله عنه هو الزيادة وهو أخص من التقوى (3) لان ازدياد العلم إنما هو بازدياد المعلوم ولا كذلك تقويه فإنه قد يكون بقوة أسبابه وكثرة مقتضياته، ونفى الأخص لا يوجب نفى الأعم فلا يلزم التفضيل.