الدؤوب على تصحيح كتب الحديث، العارف بصريح اللفظ من دخيله وبصحيحه من منتحله، ناشر آثار أهل بيت العصمة، المعتكف على بابهم، المغترف من مزنهم الميرزا علي أكبر الغفاري أدام الله له سوابغ نعمه، وقرائن قسمه، ووصل له سوالفها بعواطفها، ورواهنها بروادفها فذاكرت به جنابه، وسألته أن يشرفني بتصحيح بعض المتون الخبرية التي خلدها التاريخ لعلمائنا الماضين رحمهم الله فوعدني بموعدة فسري بها عني، واطمأن بها قلبي، ومكث غير بعيد إذ أمرني بتصحيح هذا الكتاب القيم الفخم وتحقيقه وتنميقه، مع أنه قد طبع مرة بالنجف الأشرف حروفيا وأخرى بقم المشرفة بطريق الأفست، ولكن الطبعة غير منقحة، ذات أغلاط وأسقاط بحيث يسوع طبعا جديدا وعرضا مستأنفا.
فتقبلت منه بيد الاكرام، وشكرت جزيل ألطافه العظام، بيد أني وضعت نفسي في الميزان ولم أجدني من فرسان هذا الميدان، فتعذرت إليه بقصر الباع وخشية النقصان، فأبى إلا أن يتحفني بهذه الكرامة، وعهد إلي أن يعينني على هذا المشروع. فشرعت في المقصود مستمدا من الملك المعبود، وتصفحت عن نسخه، فأرسل إلي غير واحد من الأعلام والأفاضل الكرام بأربع نسخ التي ستقف على أوصافها، وجعلتها أصلا، وقابلتها بعين الدقة والتثبت، ولم آل جهدا، وجعلت الصحيح متنا وما خالفه هامشا، إلا ما اتفقت عليه النسخ فأثبته في الصلب وإن كان سقيما وأشرت إلى الصواب ذيلا، ثم قابلت جل أخباره بمنقولها في البحار، واستفدت منه كثيرا في التوضيح و البيان، وجعلت له فهرسا عاما يشمل كل ما احتواه من الأخبار.
والكتاب كما ترى أكثر أخباره من طرق العامة، وأسانيدها مشتملة على كثيرين من رجالهم، وصحف أكثرها بالتشابه الخطي، وحرف بعضها بتعكيس النسبة والمنسوب، وكان جل ما فيها من نسبة الرجل إلى الجد