بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لمن خلق الإنسان، وعلمه البيان، وجعل العلم وزير الإيمان، وروح الأنفس ببديع الحكمة فإنها تكل كما تكل الأبدان، ويقذفه في قلب من يشاء من عباده بعد التمحيص والامتحان. والصلاة والسلام على سيد الإنس والجان محمد المصطفى، وعلى آله الذين هم كنوز الرحمن، وفيهم نزل كرائم القرآن.
أما بعد: قد أولهني منذ سنين اشتياقي إلى إحياء أثر قيم من تراثنا الديني الذهبي، ونشر عرفه الوردي إلى الملأ الثقافي المذهبي، حيث إن في انتشار ما أسلفت رجالات الهدى وقادة العلم والتقى من مآثر آل البيت عليهم السلام إحياء لمثلى طريقتهم، وحثا على اقتصاص آثارهم، وقياما بواجب حقوقهم و إشادة بجميل ذكرهم إلى غيرها مما يشاد به صرح المدنية، ويقام علالي الحضارة الراقية، ويبث من الأخلاق الفاضلة والآراء الناضجة، ويعضد من دعائم الاجتماع، ويوطد من أسس الوئام.
وكنت بذلك مشعوفا، قد ملأ قلبي حبه، وأخذ بزمام نفسي شوقه، وكان ذلك مكنونا في سري، مضمرا في خلدي، ولم أجد للتنبيه إليه مساغا، أو للإصحار به مجالا، وما أظنني في هذا الميل المفرط جانحا إلى خيال، أو محلقا في جواء من التصور الحالم، أو الوهم الهائم. لا، لا، بل أجد نفسي شدة حرة والتهاب وجده.
فمر علي بذلك أيام وشهور، وكنت أغدو وأروح في فجوة الرجاء، متى يدركني مدد ذي المن والعطاء، إذ ساعدني الفوز يوما بلقاء الأستاذ، المكب