6 - قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي قال: حدثني من حضر عبد الملك ابن مروان وهو يخطب الناس بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته قام إليه رجل فقال: مهلا مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفاقتداء بسيرتكم؟ أم طاعة لأمركم؟ فإن قلتم: اقتدوا بسيرتنا فكيف نقتدي بسيرة الظالمين؟ وما الحجة في اتباع المجرمين الذين اتخذوا مال الله دولا، وجعلوا عباد الله خولا، وإن قلتم:
أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا، فكيف ينصح غيره من يغش نفسه؟ أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة.
وإن قلتم: خذوا الحكمة من حيث وجدتموها، واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو أفصح بصنوف العظات، وأعرف بوجوه اللغات منكم، فزحزحوا عنها، أطلقوا أقفالها، وخلوا سبيلها، ينتدب (1) لها الذين شردتموهم في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله ما قلدناكم أزمة أمورنا، وحكمناكم في أبداننا وأموالنا وأدياننا لتسيروا فيها بسيرة الجبارين، غير أنا نصبر [أنفسنا] (2) لاستيفاء المدة، وبلوغ الغاية، وتمام المحنة، ولكل قائل منكم يوم لا يعدوه، وكتاب لا بد أن يتلوه (3)، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (4) ".