الحلوة وأنواع الطرب لأن الدم مفرح حلو، ومن غلب عليه البلغم رأى الألوان البيض والمياه والأمطار والثلج، ومن غلب عليه السوداء رأى الألوان السود والأشياء المحرقة والطعوم الحامضة لأنه طعام السوداء ويعرف ذلك بالأدلة الطبية الدالة على غلبة ذلك الخلط على الرائي، والخامس ما كان عن حديث النفس ويعرف ذلك بجولانه في اليقظة فيستولي على النفس فيتكلف به فيراه في النوم، والسادس ما هو من الشيطان ويعرف ذلك بكونه فيه حض على أمر تنكره الشريعة أو يأمره بجايز يؤول إلى منكر كأمره بالحج مثلا ويؤدي إلى تضييع ماله أو عياله أو نفسه، والسابع ما كان فيه احتلام، والثامن هو الذي يجوز تعبيره وهو ما خرج عن هذه السبعة وهو ما ينقله ملك الرؤيا من اللوح المحفوظ من أمر الدنيا والآخرة من كل خير أو شر فإن الله تعالى وكل ملكا باللوح المحفوظ ينقل لكل واحد من اللوح ما يبين ذلك، علمه من علمه وجهله من جهله.
أقول: إذا تأملت في الحديث وجدته شاملا لجميع الأقسام الثمانية لأن الخمسة الأولى داخلة في أضغاث أحلام والاثنين بعدها داخلان في القسم الثاني وهو ما كان من الشيطان، والثامن عين الأول، وهو ما كان من الله تعالى.
* الأصل:
62 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟ قال: صدقت أما الكاذبة [ال] - مختلفة فإن الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة الفسقة وإنما هي شيء يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها، وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة وذلك قبل السحر فهي صادقة، لا تخلف إن شاء الله إلا أن يكون جنبا أو ينام على غير طهور ولم يذكر الله عزوجل حقيقة ذكره فإنها تختلف وتبطىء على صاحبها.
* الشرح:
قوله (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟) المخرج هنا مصدر بمعنى الخروج، قال الفاضل المذكور: حقيقة الأحلام أن الله تعالى يخلق بأسباب مختلفة في الأذهان عند النوم صورا علمية منها مطابقة لما مضى ولما يستقبل ومنها غير مطابقة كما يخلقها كذلك في اليقظة وحينئذ معنى هذا الكلام أن كليهما صور علمية يخلقه الله في قلب عباده بأسباب روحانية أو شيطانية أو طبيعية.