عظيمة من الله تعالى يستحق الحمد بها. والمرجئة كما يطلق على طائفة يؤخرون العمل عن النية والعقد وعلى طائفة يؤخرون حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة ولا يقضون عليه بحكم ما في الدنيا وهم والوعيدية فرقتان متقابلتان كذلك تطلق على من أخر عليا عليه السلام من الدرجة الأولى إلى الرابعة وهم الشيعة فرقتان متقابلتان كما في الملل والنحل.
(وصارت فرقة حرورية) هم الخوارج الذين خرجوا على علي عليه السلام ولما كان اجتماعهم في قرية حرورا قرب الكوفة سماهم عليه السلام حرورية وقصتهم مشهورة (وصارت فرقة قدرية) هم الجبرية الذين ذهبوا إلى أن أفعال العباد خيرها وشرها صادرة عنه تعالى وهما صنفان صنف يقولون ليس للعبد قدرة على الفعل أصلا، وصنف يقولون: له قدرة عليه وإذا توجهت قدرتهم إلى الفعل بادرت القدرة الإلهية إليه فتوجده (وسميتم الترابية) للنسبة إلى أبي تراب وهو من أسماء علي عليه السلام قيل: وجه تسميته به أن النبي (صلى الله عليه وآله) جاء إلى بيت فاطمة عليها السلام فلم يجد عليا عليه السلام فقال: أين ابن عمك؟ فقالت: خرج، فقال النبي صلى الله عليه وآله لإنسان: انظر أين هو فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب.
(أما والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له) لعل ضمير هو راجع إلى الحق أو إلى من وجبت طاعته بقرينة المقام (ما الناس إلا هم) الضمير للرسول إلى آخره والمراد بالناس هذا الهيكل مع كمال صورته الظاهرة بالأعمال الصالحة وصورته الباطنة بالعلم والإيمان والأخلاق الفاضلة دون الهيكل فقط لأنه بدون الصورة المذكورة عند أهل الحق في الظاهر كالناس المصنوع من الخشب كما قال تعالى (كأنهم خشب مسندة) وفي الباطن كالكلب أو كالحمار كما قال عز وجل (فمثله كمثل الكلب) وقال (مثلهم كمثل الحمار) (كان علي أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله) أي أفضل كل من سواه، كما في قولنا: زيد أفضل أهل البلد، فلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه، والمراد بالناس هنا وفيما بعد أعم ممن ذكر، وهذا الحكم أمر قال به أيضا جمهور علماء أهل السنة وقد ذكرناهم في شرح الأصول (وأولى الناس بالناس) أي بأمر الناس وإمارتهم وهذا الحكم أيضا نقله أبو عبد الله في شرح مسلم عن جماعة من علمائهم إلا أنهم قالوا: كيف نصنع وقد اجتمعت الأمة على خلافة أبي بكر؟ وقد ذكرنا في شرح الأصول عدم تحقق الإجماع عندهم لمخالفة كثير من أهل الفضل من الصحابة (حتى قالها ثلاثا) أي قال هذه الكلمة ثلاث مرات وهي قوله «كان علي أفضل الناس إلى آخره».