الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٨٥
أبي جعفر وبين ولد الحسن (عليهما السلام) كلام فبلغني ذلك فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فذهبت أتكلم فقال لي: مه، لا تدخل فيما بيننا فإنما مثلنا ومثل بني عمنا كمثل رجل كان في بني إسرائيل، كانت له ابنتان فزوج إحداهما من رجل زراع وزوج الأخرى من رجل فخار، ثم زارهما فبدأ بامرأة الزراع فقال لها: كيف حالكم؟ فقالت: قد زرع زوجي زرعا كثير فإن أرسل الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا، ثم مضى إلى امرأة الفخار فقال لها: كيف حالكم؟ فقالت: قد عمل زوجي فخارا كثيرا فإن أمسك الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا، فانصرف وهو يقول: اللهم أنت لهما، وكذلك نحن (1).
46 - محمد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن ذريح قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يعوذ بعض ولده ويقول: " عزمت عليك (2) يا ريح ويا وجع، كائنا ما كنت بالعزيمة التي عزم بها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جن وادي الصبرة (3) فأجابوا وأطاعوا لما أجبت وأطعت وخرجت عن ابني فلان ابن ابنتي فلانة، الساعة الساعة ".

(١) " أنت لهما " اي المقدر لهما، تختار لكل منهما ما يصلحها ولا اشفع لأحدهما لأنك اعلم بصلاحهما أو لا أرجح أحدهما على الاخر. وقوله: " وكذلك نحن " اي ليس لكم ان تحاكموا بيننا لان الخصمين كلاهما من أولاد الرسول ويلزمكما احترامهما لذلك. (آت).
(٢) قال الجوهري: " عزمت عليك " اي أقسمت عليك.
(٣) كذا. ولعل هذا إشارة إلى ما رواه الشيخ المفيد (ره) في ارشاده باسناده عن ابن عباس قال: لما خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى بني المصطلق جنب عن الطريق فأدركه الليل ونزل بقرب واد وعر فلما كان في آخر الليل هبط جبرئيل عليه يخبره ان طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون كيده (عليه السلام) وايقاع الشر بأصحابه عند سلوكهم إياه فدعا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجن من يريدك فادفعه بالقوة التي أعطاك الله عز وجل إياها وتحصن منهم بأسماء الله عز وجل التي خصك بها وبعلمها وانفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس وقال لهم: كونوا معه وامتثلوا أمره، فتوجه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الوادي فلما قرب من شفيره أمر المائة الذين صحبوا ان يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يؤذن لهم، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من أعدائه وسمى الله عز اسمه وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه ان يقربوا منه وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد ان تقع القوم على وجوههم لشدتها ولم تثبت اقدامهم على الأرض من هول الخصم ومن هول ما لحقهم، فصاح أمير المؤمنين (عليه السلام) أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمه، أثبتوا ان شئتم فظهر للقوم أشخاص على صور الزط يخيل في أيديهم شعل النيران قد اطمأنوا وأطافوا بجنبات الوادي فتوغل أمير المؤمنين (عليه السلام) بطن الوادي وهو يتلوا القرآن ويومي بسيفه يمينا وشمالا فما لبثت الاشخاص حتى صارت كالدخان الأسود وكبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم صعد من حيث هبط فقام مع القوم الذين اتبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه فقال له أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لقيت يا أبا الحسن فلقد كدنا ان نهلك خوفا وأشفقنا عليك أكثر مما لحقنا؟ فقال (عليه السلام) لهم: انه لما تراءى لي العدو جهرت فيهم بأسماء الله تعالى فتضائلوا وعلمت ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادي غير خائف منهم ولو بقوا على هيئاتهم لاتيت على آخرهم وقد كفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرهم وستسبقني بقيتهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤمنون به وانصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) بمن معه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره الخبر فسرى عنه ودعا له بخير وقال له: قد سبقك يا علي إلى من أخافه الله بك فاسلم وقبلت اسلامه، ثم ارتحل بجماعة المسلمين حتى قطعوا الوادي آمنين غير خائفين وهذا الحديث قد روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا. انتهى (آت).
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست