الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٢١
أيها الناس إن المنية قبل الدنية والتجلد قبل التبلد (1)، والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر، وغض البصر (2) خير من كثير من النظر، والدهر يوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر (3) وإذا كان عليك فاصبر فبكليهما تمتحن (4). - وفي نسخة وكلاهما سيختبر -.
أيها الناس أعجب ما في الانسان قلبه وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ (5)، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الامن استلبته العزة (6) - وفي نسخة أخذته العزة، - وإن جددت له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء (7) - وفي نسخة جهده البكاء - وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة (8)، فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد.
أيها الناس إنه من فل ذل (9)، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس ومن كثر حلمه

(١) يعني ان الموت خير من الذلة فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف وفي نهج البلاغة: " المنية ولا الدنية والتقلل ولا التوسل " وهو أوضح وعلى هذا يكون معنى " والحساب قبل العقاب " أن محاسبة النفس في الدنيا خير من التعرض للعقاب في الأخرى والتجلد: تكلف الشدة والقوة والتبلد ضده. (في).
(2) في بعض النسخ [عمى البصر] ولعله أظهر. (آت).
(3) البطر: شدة الفرح.
(4) في بعض النسخ [سيخسر] وفي بعضها [سيحسر] - بالمهملات - بمعنى الكشف.
(5) لعل المراد انه إذا أعين بالرضا وسر لم يتحفظ عما يوجب شينه من قول وفعل. (في).
(6) كأنها بالاهمال والزاي ويحتمل الاعجام والراء وكذا في أختها الا انه ينبغي أن تكون الثالثة على خلاف الأوليين أو إحداهما. (في).
(7) عضه: أمسكه بأسنانه.
(8) اي ملاءته حتى لا يطيق النفس.
(9) فل - بالفاء - اي كسر (في). وفى بعض النسخ بالقاف اي من قل في الاحسان والجود في كل ما هو كمال إما في الآخرة أو في الدنيا فهو ذليل أو من أعوانه ذل. (مأخوذ من آت).
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست