واعلموا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ولينتهي عما نهى عنه فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شئ من الخير عنده ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه فإن مات على معصيته أكبه الله على وجهه في النار.
واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم إلا طاعتهم له، فاجتهدوا في طاعة الله (1)، إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا ولا قوة إلا بالله. وقال: وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فإن الله ربكم.
واعلموا أن الاسلام هو التسليم والتسليم هو الاسلام فمن سلم فقد أسلم ومن لم يسلم فلا إسلام له ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في الاحسان فليطع الله فإنه من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الاحسان.
وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها فإنه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه وليس بين الاحسان والإساءة منزلة، فلأهل الاحسان عند ربهم الجنة ولأهل الإساءة عند ربهم النار، فاعملوا بطاعة الله واجتنبوا معاصيه واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئا لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه، واعلموا أن أحدا من خلق الله لم يصب رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد (صلوات الله عليهم) ومعصيتهم من معصية الله ولم ينكر لهم فضلا عظم أو صغر.
واعلموا أن المنكرين هم المكذبون وأن المكذبين هم المنافقون وأن الله عز وجل قال للمنافقين وقوله الحق: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا (2) " ولا يفرقن (3) أحد منكم ألزم الله قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس ممن أخرجه الله من صفة الحق ولم يجعله من أهلها فإن من لم يجعل الله من أهل صفة الحق فأولئك هم شياطين الإنس والجن وإن لشياطين الانس حيلة ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الانس من أهله إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق