فالكتاب يومئذ وأهله منفيان طريدان (2)، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو. فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم، لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا.
فاجتمع القوم على الفرقة. وافترقوا عن الجماعة. كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم. فلم يبق عندهم منه إلا اسمه، ولا يعرفون إلا خطه وزبره (3). ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة (4)، وسموا صدقهم على الله فرية (5)، وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم وتغيب آجالهم، حتى نزل بهم الموعود (6) الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة (7)
____________________
(1) أنفق منه: أروج منه (2) يطردهما وينفيهما أهل الباطل وأعداء الكتاب (3) الزبر بالفتح الكتب مصدر كتب (4) ما مثلوا: أي شنعوا، وما مصدرية (5) فرية بالكسر أي كذبا (6) الموت الذي لا يقبل فيه عذر ولا تفيد بعده توبة (7) القارعة: الداهية المهلكة