وأشهد أن محمدا نجيب الله (1) وسفير وحيه ورسول رحمته أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله الذي ابتدأ خلقكم، وإليه يكون معادكم، وبه نجاح طلبتكم، وإليه منتهى رغبتكم، ونحوه قصد سبيلكم، وإليه مرامي مفزعكم (2). فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم، وشفاء
مرض أجسادكم، وصلاح فساد صدوركم، وطهور دنس أنفسكم، وجلاء عشا أبصاركم وأمن
فزع جأشكم (3)، وضياء سواد ظلمتكم. فاجعلوا طاعة الله شعارا دون دثاركم (4)، ودخيلا دون شعاركم، ولطيفا بين أضلاعكم وأميرا فوق أموركم، ومنهلا لحين ورودكم (5)، وشفيعا لدرك طلبتكم وجنة ليوم فزعكم، ومصابيح لبطون قبوركم، وسكنا لطول وحشتكم، ونفسا لكرب مواطنكم. فإن طاعة الله حرز من متألف مكتنفة، ومخاوف متوقعة، وأوار نيران موقدة (6). فمن
____________________
(1) النجيب المختار المصطفى (2) مرمى المفزع ما يدفع إليه الخوف وهو الملجأ أي وإليه ملاجئ خوفكم (3) الجأش: ما يضطرب في القلب عند الفزع أو التهيب أو توقع المكروه (4) الشعار: ما يلي البدن من الثياب. والدثار: ما فوقه (5) المنهل ما ترده الشاربة من الماء للشرب. والدرك - بالتحريك - اللحاق. والطلبة - بالكسر - المطلوب. والجنة - بالضم - الوقاية (6) الأوار - بالضم - حرارة النار ولهيبها