اجعلوا ما افترض الله عليكم من طلبكم (1)، واسألوه من أداء حقه ما سألكم. وأسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم. إن الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم وإن ضحكوا، ويشتد حزنهم وإن فرحوا، ويكثر مقتهم أنفسهم وإن اغتبطوا بما رزقوا (2). قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال، وحضرتكم كواذب الآمال. فصارت الدنيا أملك بكم من الآخرة، والعاجلة أذهب بكم من الآجلة، وإنما أنتم إخوان على دين الله ما فرق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر. فلا توازرون ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادون.
ما بالكم تفرحون باليسير من الدنيا تدركونه ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه. ويقلقكم اليسير من الدنيا يفوتكم حتى يتبين ذلك في وجوهكم وقلة صبركم عما زوي منها عنكم (3) كأنها دار مقامكم. وكأن متاعها باق عليكم. وما يمنع أحدكم
____________________
(1) مطلوبكم، أي اجعلوا الفرائض من مطالبكم التي تسعون لنيلها، واسألوا الله أن يمنحكم ما سألكم من أداء حقه، أي أن يمن عليكم بالتوفيق لأداء حقه (2) اغتبطوا:
غبطهم غيرهم بما آتاهم الله من الرزق (3) قلة صبركم عطف على وجوهكم. وزوي من زواه إذا نحاه
غبطهم غيرهم بما آتاهم الله من الرزق (3) قلة صبركم عطف على وجوهكم. وزوي من زواه إذا نحاه