بل أرهقتهم بالقوادح (3)، وأوهنتهم بالقوارع، وضعضعتهم بالنوائب (4) وعفرتهم للمناخر (5)، ووطئتهم بالمناسم (6)، وأعانت عليهم ريب المنون. فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها (7)، وآثرها وأخلد لها (8)، حتى ظعنوا عنها لفراق الأبد (9). وهل زودتهم إلا السغب (10)، أو أحلتهم إلا الضنك (11)، أو نورت لهم إلا الظلمة (12)، أو أعقبتهم إلا الندامة. أفهذه تؤثرون أم إليها تطمئنون؟ أم عليها تحرصون؟.
فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنكم تاركوها وظاعنون عنها. واتعظوا فيها بالذين قالوا " من أشد منا قوة ". حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا (13)،
____________________
بالتحريك إذا سلب ماله (1) ظهر قاطع: راحلة تركب لقطع الطريق (2) أي سخت نفسها لهم بفداء (3) أرهقتهم: غشيتهم بالقوادح بالقاف جمع قادح وهو أكال يقع في الشجر والأسنان، أي بما ينهكهم ويمزق أجسادهم. وفي نسخة الفوادح بالفاء من فدحه الأمر إذا أثقله (4) ضعضعتهم: ذللتهم (5) كبتهم على مناخرهم في العفر وهو التراب (6) جمع منسم وهو مقدم خف البعير أو الخف نفسه (7) دان لها: خضع (8) ركن إليها (9) أي فراق مدته لا نهاية لها (10) السغب - محركة - الجوع (11) الضنك الضيق (12) أو نورت لهم الخ لم يكن لهم مما ظنوه نورا لها إلا الظلام (13) لا يقال لهم