وقد تضمنت هذه الآيات ما يأتي:
(أولا) أن المنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء، يوالونهم بالمودة، وينصرونهم في السر، متجاوزين ولاية المؤمنين ومعرضين عنها.
(ثانيا) أنهم بعملهم هذا يطلبون عند الكافرين العزة والقوة، وهم بذلك مخطئون، لان العزة والقوة كلها لله وللمؤمنين:
" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون " (1).
(ثالثا) أن هؤلاء المنافقين ينتظرون ما يحل بالمؤمنين، فإن كان لهم فتح من الله ونصر، قالوا: نحن معكم في الدين والجهاد، وإن كان للكافرين نصيب من النصر، قال هؤلاء المنافقون للكافرين: ألم نحافظ عليكم ونمنعكم من إيذاء المؤمنين لكم بتخذيلهم واطلاعكم على أسرارهم حتى انتصرتم، فأعطونا مما كسبتم.
(رابعا) ان الله سبحانه لن يجعل للكافرين على المؤمنين المخلصين في إيمانهم القائمين على حدود الله، طريقا إلى النصر عليهم، أي لا يمكنهم من أن يغلبوهم.
وقد كان رجال من المسلمين يوالون رجالا من الكفار لما كان بينهم من قرابة أو جوار أو مخالفة، وكانت هذه الموالاة خطرا على سلامة المسلمين، فأنزل الله عز وجل محذرا من هذه الولاية الضارة، فقال:
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون " (2).
ففي هذه الآية النهي عن اتخاذ غير المؤمنين بطانة وأصدقاء، أي خاصة تطلعونهم على أسراركم، لأن هذه البطانة لا تقصر في إفساد أمركم، وأنهم يحبون ويتمنون إيقاع الضرر بكم.
وقد ظهرت علامات بغضهم لكم من كلامهم، فهي لشدتها عندهم