قوله: (وقولهم) جواب سؤال وارد على كلام الماتن لا على ظاهر الرواية، إذ لا تعرض للابراء فيها، وما تضمنه الصلح إسقاط للباقي لا إبراء، فافهم. قوله: (عن دعوى الخ) كذا عبارة القهستاني ويجب إسقاط لفظ دعوى بقرينة الاستدراك الآتي. ونقل الحموي عن حواشي صدر الشريعة للحفيد معنى قولنا البراءة عن الأعيان لا تصح: أن العين لا تصير للمدعي عليه لا أن يبقى المدعي على دعواه الخ. أبو السعود. وهذا أوضح مما هنا. قال السائحاني: والأحسن أن يقال: الابراء عن الأعيان باطل ديانة لا قضاء. قال في الهامش: وعبارته في شرح الملتقى معناه أن العين لا تصير ملكا للمدعي عليه، لا أنه يبقى على دعواه، بل تسقط في الحكم كالصلح عن بعض الدين، فإنه إنما يبرأ عن باقيه في الحكم لا في الديانة، فلو ظفر به أخذه. ذكره القهستاني والبرجندي وغيرهما. وأما الابراء عن دعوى الأعيان فصحيح اه ما في الهامش. وهو مخالف لما نقلناه عن شرح الملتقى آنفا. وفي الخلاصة:
أبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي فيها فهذا كله باطل، حتى لو ادعى بعده تسمع، ولو أقام بينة تقبل اه. قوله: (وأما الصلح) مقابل قوله أي عين يدعيها. قوله: (بعض الدين) قال المقدسي عن المحيط: له ألف فأنكره المطلوب فصالحه على ثلاثمائة من الألف صح، ويبرأ عن الباقي قضاء لا ديانة، ولو قضاه الألف فأنكر الطالب فصالحه بمائة صح، ولا يحل له أخذها ديانة فيؤخذ من هنا. ومن أن الربا لا يصح الابراء عنه ما يفيد عينه عدم صحة براءة علماء قضاة زماننا مما يأخذونه. ويطلبون الابراء فيبرئونهم، بل ما أخذوه من الربا أعرق بجامع عدم الحل في كل.
واعلم أن عدم براءته في الصلح، استثنى منه في الخانية ما لو زاد وأبرأتك عن البقية.
سائحاني. ويظهر من هذا أن ما تضمنه الصلح من الاسقاط ليس إبراء من كل وجه، وإلا لم يحتج لقوله أبرأتك عن البقية. قوله: (أي قضاء) وحينئذ فلا فرق بين الدين والعين على ظاهر الرواية.
تأمل. قوله: (من الأشباه) قال فيها عن الخانية: الابراء عن العين المغصوبة إبراء عن ضمانها، وتصير أمانة في يد الغاصب، ولو كانت العين مستهلكة صح الابراء وبرئ من قيمتها اه.
فقولهم: الابراء عن الأعيان باطل، معناه: أنها لا تكون ملكا له بالابراء، وإلا فالإبراء عنها لسقوط ضمانها صحيح أو يحمل على الأمانة ا ه ملخصا: أي أن البطلان عن الأعيان محله إذا كانت الأعيان أمانة، لأنها إذا كانت أمانة لا تلحقه عهدتها، فلا وجه للابراء عنها. تأمل.
وحاصله: أن الابراء المتعلق بالأعيان إما أن يكون عن دعواها وهو صحيح بلا خلاف مطلقا وإن تعلق بنفسها، فإن كانت مغصوبة هالكة صح أيضا كالدين، وإن كانت قائمة فمعنى البراءة عنها البراءة عن ضمانها لو هلكت وتصير بعد البراءة من عينها، كالأمانة لا تضمن إلا بالتعدي عليها ، وإن كانت العين أمانة فالبراءة لا تصح ديانة بمعنى أنه إذا ظفر بها مالكها أخذها وتصح قضاء فلا يسمع القاضي دعواه بعد البراءة، هذا ملخص ما استفيد من هذا المقام ط. وهو كلام حسن يرشدك إلى أن قول الشارح معناه محمول على الأمانة. بقي لو ادعى عليه عينا في يده فأنكر ثم أبرأه المدعي