عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة على من ادعى واليمين على من أنكر لا في القسامة - ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي ان عمر كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة) إلى آخره ثم ذكر (ان الشافعي أجاب عنه بما يخالفون عمر في هذه القضية من الأحكام) - قلت - إنما خالفوه في تلك الأحكام لأنه قامت عندهم فيها أدلة أقوى من قول عمر رضي الله عنه وقد ذكر عيسى بن ابان في كتاب الحجج ان مخالفه قال قد تركتم من حديث عمر أشياء لأنه كتب إلى عامله باليمن ابعث بهم إلى بمكة وأنتم تقولون ترفع إلى أقرب القضاة وفيه انه استحلفهم في الحجر وأنتم تنكرون ان يستحلف الا في مجلس الحكم حيث كان وفيه أنه قال لعامله ابعث إلى بخمسين رجلا وعندكم الخيار للمدعى وفيه حقنتم بايمانكم دماءكم وعندكم ان لم يحلفوا لم يقتلوا ثم أجاب ابن ابان عن ذلك بما ملخصه انه أراد ان يتولى الحكم وان عامله لا يقوم فيه مقامه لينتشر في البلاد ويعمل به من بعده ولهذا فعله في أشهر المواضع وهو الحجر ليراه أهل الموسم وينقلوه إلى الآفاق ولا شك ان نواب كانوا يقضون في البلاد النائية ولو وجب حمل كل أحد إليه لم يكتب إلى أبى موسى وغيره في الأحكام ولهذا لم يستحلف عمر والأئمة بعده أحدا في الحجر وإنما كتب عمر أن لا يقتل نفس دونه احتياطا واستعظاما للدم ولم يقل ابعث إلى بخمسين تتخيرهم أنت ولم يكن يولى جاهلا فإنما كتب إلى من يعلم أن الخيار للمدعين لأنه لهم يستحلف فكيف يستحلف من لا يريدونه وإنما قال حقنتم بايمانكم دماءكم لأنهم لو لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا فيقتلوا أو يحلفوا فايمانهم حقنت دماءهم إذ تخلصوا بها من القتل أو الحبس كقوله تعالى ويدرأ عنها العذاب ان تشهد - فلو لم تلاعن حبست حتى تلاعن فتنجو وتقر فترجم - ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي قيل له الثابت هو عندك أي قضية عمر فقال لا إنما رواه الشعبي عن الحارث الأعور والحارث مجهول ونحن نروي بالاسناد الثابت انه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا وإذ قال فتبرئكم فلا يكون عليهم غرامة ولما لم يقبل الأنصاريون ايمانهم وداه عليه السلام ولم يجعل على يهود شيئا) - قلت لم يذكر أحد فيما علمنا أن الشعبي رواه عن الحارث الأعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه الطحاوي بسنده عن الشعبي عن الحارث الوادعي هو ابن الأزمع وسيأتي ان مجالدا رواه عن الشعبي كذلك ورواية أبى اسحق لهذا الأثر عن الحارث هذا عن عمر امارة عن انه هو الواسطة لا الحارث الأعور كما زعم الشافعي ورواه أيضا عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن الحكم عن الحارث بن الأزمع والحارث هذا ذكره أبو عمر وغيره في الصحابة وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم إن الحارث الأعور وان تكلموا فيه فليس بمجهول كما زعم الشافعي بل هو معروف روى عنه الضحاك والشعبي والسبيعي وغيرهم وهذا الأثر وإن كان منقطعا فقد عضده ما تقدم من الأحاديث وفى التمهيد
(١٢٤)