بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٤٥
فكان وجوده والعدم بمنزلة واحدة وإن كان متعلقا باللحم يؤكل الكل لان العضو المتعلق باللحم من جملة الحيوان وذكاة الحيوان تكون لما اتصل به ولو ضرب صيدا بسيف فقطعه نصفين يؤكل النصفان عندنا جميعا وهو قول إبراهيم النخعي لأنه وجد قطع الأوداج لكونها متصلة من القلب بالدماغ فأشبه الذبح فيؤكل الكل وان قطع أقل من النصف فمات فإن كان مما يلي العجز لا يؤكل المبان عندنا وقال الشافعي يؤكل (وجه) قوله إن الجرح في الصيد إذا اتصل به الموت فهو ذكاة اضطرارية وانها سبب الحل كالذبح (ولنا) قول النبي عليه الصلاة والسلام ما أبين من الحي فهو ميت والمقطوع مبان من الحي فيكون ميتا واما قوله إن الجرح الذي اتصل به الموت ذكاة في الصيد فنعم لكن حال فوات الحياة عن المحل وعند الإبانة المحل كان حيا فلم يقع الفعل ذكاة له وعند ما صار ذكاة كان الجزء منفصلا وحكم الذكاة لا يلحق الجزء المنفصل وإن كان مما يلي الرأس يؤكل الكل لوجود قطع الأوداج فكان الفعل حال وجوده ذكاة حقيقة فيحل به الكل وان ضرب رأس صيد فأبانه نصفين طولا أو عرضا يؤكل كله في قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبى يوسف الأول ثم رجع وقال لا يؤكل النصف البأس ويؤكل ما بقي من الصيد والأصل فيه ما ذكرنا أن الأوداج متصلة بالدماغ فتصير مقطوعة بقطع الرأس وكان أبو يوسف على هذا ثم ظن أنها تكون الا فيما يلي البدن من الرأس وإن كان المبان أكثر من النصف فكذلك يؤكل الكل لأنه إذا قطع العروق فلم يكن ذلك ذبحا بل كان جرحا وأنه لا يبيح المبان لما ذكرنا (وأما) شرائط ركن الذكاة فأنواع بعضها يعم نوعي الذكاة الاختيارية والاضطرارية وبعضها يخص أحدهما دون الآخر أما الذي يعمهما فمنها أن يكون عاقلا فلا تؤكل ذبيحة المجنون والصبي الذي لا يعقل والسكران الذي لا يعقل لما نذكر ان القصد إلى التسمية عند الذبح شرط ولا يتحقق القصد الصحيح ممن لا يعقل فإن كان الصبي يعقل الذبح ويقدر عليه تؤكل ذبيحته وكذا السكران (ومنها) أن يكون مسلما أو كتابيا فلا تؤكل ذبيحة أهل الشرك والمجوسي والوثني وذبيحة المرتد أما ذبيحة أهل الشرك فلقوله تعالى وأهل لغير الله وقوله عز وجل وما ذبح على النصب أي للنصب وهي الأصنام التي يعبدونها وأما ذبيحة المجوس فلقوله عليه الصلاة والسلام سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم ولان ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة من شرائط الحل عندنا لما نذكر ولم يوجد وأما المرتد فلانه لا يقر على الدين الذي انتقل إليه فكان كالوثني الذي لا يقر على دينه ولو كان المرتد غلاما مراهقا لا تؤكل ذبيحته عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف تؤكل بناء على أن ردته صحيحة عندهما وعنده لا تصح وتؤكل ذبيحة أهل الكتاب لقوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمراد منه ذبائحهم إذ لو لم يكن المراد ذلك لم يكن للتخصيص بأهل الكتاب معنى لان غير الذبائح من أطعمة الكفرة مأكول ولان مطلق اسم الطعام يقع على الذبائح كما يقع على غيرها لأنه اسم لما يتطعم والذبائح مما يتطعم فيدخل تحت اطلاق اسم الطعام فيحل لنا أكلها ويستوى فيه أهل الحرب منهم وغيرهم لعموم الآية الكريمة وكذا يستوى فيه نصارى بنى تغلب وغيرهم لأنهم على دين النصارى الا انهم نصارى العرب فيتناولهم عموم الآية الشريفة وقال سيدنا علي رضي الله عنه لا تؤكل ذبائح نصارى العرب لأنهم ليسوا بأهل الكتاب وقرأ قوله عز شأنه ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أماني وقال ابن عباس رضي الله عنهما تؤكل وقرأ قوله عز وجل ومن يتولهم منكم فإنه منهم والآية الكريمة التي تلاها سيدنا علي رضي الله عنه دليل على أنهم من أهل الكتاب لأنه قال عز وجل ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب أي من أهل الكتاب وكلمة من للتبعيض الا أنهم يخالفون غيرهم من النصارى في بعض شرائعهم وذا يخرجهم عن كونهم نصارى كسائر النصارى فان انتقل الكتابي إلى دين أهل الكتاب من الكفرة لا تؤكل ذبيحته لان المسلم لو أنتقل إلى ذلك الدين لا تؤكل ذبيحته فالكتابي أولى ولو أنتقل غير الكتابي من الكفرة إلى دين أهل الكتاب تؤكل ذبيحته والأصل انه ينظر إلى حاله ودينه فيه انه ينظر إلى حاله ودينه وقت ذبيحته دون ما سواه وهذا أصل أصحابنا ان من أنتقل من ملة يقر عليها يجعل كأنه من أهل تلك الملة من الأصل على ما ذكرنا في كتاب
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306