وغير المحرم لا يوصف به فهذا يدل على كونها محرمة في نفسها وقوله عز من قائل إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة الآية فدل على حرمة السكر فحرمت عينها والسكر منها وقال عليه الصلاة والسلام حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب الا أنه رخص شربها عند ضرورة العطش أو لاكراه قدر ما تندفع به الضرورة ولان حرمة قليلها ثبتت بالشرع المحض فاحتمل السقوط بالضرورة كحرمة الميتة ونحو ذلك وكذا لا يجوز الانتفاع بها للمداواة وغيرها لان الله تعالى لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا ويحرم على الرجل أن يسقى الصغير الخمر فإذا سقاه فالاثم عليه دون الصغير لان خطاب التحريم يتناوله (ومنها) انه يكفر مستحلها لان حرمتها ثبتت بدليل مقطوع به وهو نص الكتاب الكريم فكان منكر الحرمة منكر للكتاب (ومنها) انه يحد شاربها قليلا أو كثيرا لاجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ذلك ولو شرب خمر ممزوجا بالماء إن كانت الغلبة للخمر يجب الحد وان غلب الماء عليها حتى زال طعمها وريحها لا يجب لان الغلبة إذا كانت للخمر فقد بقي اسم الخمر ومعناها وإذا كانت الغلبة للماء فقد زال الاسم والمعنى الا أنه يحرم شرب الماء الممزوج بالخمر لما فيه من أجزاء الخمر حقيقة وكذا يحرم شرب الخمر المطبوخ لان الطبخ لا يحل حراما ولو شربها يجب الحد لبقاء الاسم والمعنى بعد الطبخ ولو شرب دردى الخمر لا حد عليه الا إذا سكر لأنه لا يسمى خمرا ومعنى الخمرية فيه ناقص لكونه مخلوطا بغيره فأشبه المنصف وإذا سكر منه يجب حد السكر كما في المنصف ويحرم شربه لما فيه من أجزاء الخمر ومن وجد منه رائحة الخمر أو قاء خمرا لا حد عليه لأنه يحتمل انه شربها مكرها فلا يجب مع الاحتمال ولا حد على أهل الذمة وان سكروا من الخمر لأنها حلال عندهم وعن الحسن بن زياد رحمه الله انهم يحدون إذا سكروا لان السكر حرام في الأديان كلها (ومنها) ان حد شرب الخمر وحد السكر مقدر بثمانين جلدة في الأحرار لاجماع الصحابة رضي الله عنهم وقياسهم على حد القذف حتى قال سيدنا علي رضي الله عنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وحد المفترين ثمانون وبأربعين في العبيد لان الرق منصف للحد كحد القذف والزنا قال الله تعالى جل وعلا فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب (ومنها) انه يحرم على المسلم تمليكها وتملكها بسائر أسباب الملك من البيع والشراء وغير ذلك لان كل ذلك انتفاع بالخمر وانها محرمة الانتفاع على المسلم وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال يا أهل المدينة ان الله تبارك وتعالى قد أنزل تحريم الخمر فمن كتب هذه الآية وعنده شئ منها فلا يشربها ولا يبيعها فسكبوها في طرق المدينة الا أنها تورث لان الملك في الموروث ثبت شرعا من غير صنع العبد فلا يكون ذلك من باب التمليك والتملك والخمر لم تكن متقومة فهي مال عندنا فكانت قابلة للملك في الجملة (ومنها) انه لا يضمن متلفها إذا كانت لمسلم لأنها ليست متقومة في حق المسلم وإن كانت مالا في حقه واتلاف مال غير متقوم لا يوجب الضمان وإن كانت لذمي يضمن عندنا خلافا للشافعي رحمه الله وهي من مسائل الغصب (ومنها) أنها نجسة غليظة حتى لو أصاب ثوبا أكثر من قدر الدرهم يمنع جواز الصلاة لان الله تبارك وتعالى سماها رجسا في كتابه الكريم بقوله رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ولو بل بها الحنطة فغسلت وجففت وطحنت فإن لم يوجد منها طعم الخمر ورائحتها يحل أكله وان وجد لا يحل لان قيام الطعم والرائحة دليل بقاء أجزاء الخمر وزوالها دليل زوالها ولو سقيت بهيمة منها ثم ذبحت فان ذبحت ساعة ما سقيت به تحل من غير كراهة لأنها في أمعائها بعد فتطهر بالغسل وان مضى عليها يوم أن أكثر تحل مع الكراهة لاحتمال أنها تفرقت في العروق والأعصاب (ومنها) إذا تخللت بنفسها يحل شرب الخل بلا خلاف لقوله عليه الصلاة والسلام نعم الادام الخل وإنما يعرف التخلل بالتغير من المرارة إلى الحموضة بحيث لا يبقى فيها مرارة أصلا عند أبي حنيفة رضي الله عنه حتى لو بقي فيها بعض المرارة لا يحل وعند أبي يوسف ومحمد تصير خلا بظهور قليل الحموضة فيها لان من أصل أبي حنيفة رحمه الله ان العصير من ماء العنب لا يصير خمرا الا بعد تكامل معنى الخمرية فيه فكذا الخمر لا يصير خلا الا بعد تكامل معنى الخلية فيه وعندهما يصير خمرا بظهور دليل الخمرية ويصير خلا بظهور دليل الخلية فيه هذا إذا تخللت بنفسها فاما إذا خللها
(١١٣)