الأضحية بالذبح اما نصا أو دلالة إذا كان الذابح غيره فإن لم يوجد لا يجوز لان الأصل فيما يعلمه الانسان أن يقع للعامل وإنما يقع لغيره باذنه وأمره فإذا لم يوجد لا يقع له وعلى هذا يخرج ما إذا غصب شاة انسان فضحى بها عن صاحبها من غير اذنه واجازته انه لا يجوز ولو اشترى شاة للأضحية فأضجعها وشد قوائمها في أيام النحر فجاء انسان فذبحها جاز استحسانا لوجود الاذن منه دلالة لما بينا فيما تقدم وأما الذي يرجع إلى وقت التضحية فهو انها لا تجوز قبل دخول الوقت لان الوقت كما هو شرط الوجوب فهو شرط جواز إقامة الواجب كوقت الصلاة فلا يجوز لاحد أن يضحى قبل طلوع الفجر الثاني من اليوم الأول من أيام النحر ويجوز بعد طلوعه سواء كان من أهل المصر أو من أهل القرى غير أن للجواز في حق أهل المصر شرطا زائدا وهو أن يكون بعد صلاة العيد لا يجوز تقديمها عليه عندنا وقال الشافعي رحمه الله إذا مضى من الوقت مقدار ما صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد جازت الأضحية وان لم يصل الامام والصحيح قولنا لما روينا عن رسول الله عليه وسلم أنه قال من ذبح قبل الصلاة فليعد أضحيته وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه من كان منكم ذبح قبل الصلاة فإنما هي غدوة أطعمه الله تعالى إنما الذبح بعد الصلاة فقد رتب النبي عليه الصلاة والسلام الذبح على الصلاة وليس لأهل القرى صلاة العيد فلا يثبت الترتيب في حقهم وان أخر الامام صلاة العيد فليس للرجل أن يذبح أضحيته حتى يتنصف النهار فان اشتغل الامام فلم يصل العيد أو ترك ذلك متعمدا حتى زالت الشمس فقد حل الذبح بغير صلاة في الأيام كلها لأنه لما زالت الشمس فقد فات وقت الصلاة وإنما يخرج الامام في اليوم الثاني والثالث على وجه القضاء والترتيب شرط في الأداء لا في القضاء كذا ذكره القدوري رحمه الله وإن كان يصلى في المصر في موضعين بأن كان الامام قد خلف من يصلى بضعفة الناس في الجامع وخرج هو بالآخرين إلى المصلى وهو الجبانة ذكر الكرخي رحمه الله انه إذا صلى أهل أحد المسجدين أيهما كان جاز ذبح الأضاحي وذكر في الأصل إذا صلى أهل المسجد فالقياس أن لا يجوز ذبح الأضحية وفى الاستحسان يجوز (وجه) القياس ان صلاة العيد لما كانت شرطا لجواز الأضحية في حق أهل المصر فاعتبار صلاة أهل أحد الموضعين يقتضى أن يجوز واعتبار صلاة أهل الموضع الآخر يقتضى أن لا يجوز فلا يحكم بالجواز بالشك بل يحكم بعدم الجواز احتياطا (وجه) الاستحسان ان الشرط صلاة العيد والصلاة في المسجد الجامع تجزى عن صلاة العيد بدليل أنهم لو اقتصروا عليها جاز ويقع الاكتفاء بذلك فقد وجد الشرط فجاز وكذا في الحديث الذي روينا ترتيب الذبح على الصلاة مطلقا وقد وجدت ولو سبق أهل الجبانة بالصلاة قبل أهل المسجد لم يذكر هذا في الأصل وقيل لا رواية في هذا وذكر الكرخي رحمه الله هذا كصلاة أهل المسجد فعلى قوله يكون فيه قياس واستحسان كما إذا صلى أهل المسجد واختلف المتأخرون منهم من قال يجب أن يكون هذا جائز قياسا واستحسانا لان الأصل في صلاة العيد صلاة من في الجبانة وإنما يصلى من يصلى في المسجد لعذر فوجب اعتبار الأصل دون غيرهم ومنهم من أثبت فيه القياس والاستحسان كما في المسألة الأولى ووجهها ما ذكرنا ومنهم من قال لا تجوز الأضحية بصلاة أهل الجبانة حتى يصلى أهل المسجد لان الصلاة في المسجد هل الأصل بدليل سائر الصلوات وإنما يخرج الامام إلى الجنابة لضرروة ان المسجد لا يتسع لهم فيجب اعتبار الأصل ولو ذبح والامام في خلال الصلاة لا يجوز وكذا إذ ضحى قبل ان يقعد قدر التشهد ولو ذبح بعدما قعد قدر التشهد قبل السلام قالوا على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز كما لو كان في خلال الصلاة وعلى قياس قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز بناء على أن خروج المصلى من الصلاة بصفة فرض عندهم وعندهما ليس بفرض ولو ضحى قبل فراغ الامام من الخطبة أو قبل الخطبة جاز لان النبي عليه الصلاة والسلام رتب الذبح على الصلاة لا على الخطبة فيما روينا من الأحاديث فدل ان العبرة للصلاة لا للخطبة ولو صلى الامام صلاة العيد وذبح رجل أضحيته ثم تبين انه يوم عرفة فعلى الامام أن يعيد
(٧٣)