بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٧٢
زفر رحمه الله لا يجوز الا إذا اتفقت جهات القربة بأن كان الكل بجهة واحدة (وجه) قوله إن القياس يأبى الاشتراك لان الذبح فعل واحد لا يتجزأ فلا يتصور أن يقع بعضه عن جهة وبعضه عن جهة أخرى لأنه لا بعض له الا عند الاتحاد فعند الاتحاد جعلت الجهات كجهة واحدة وعند الاختلاف لا يمكن فبقي الامر فيه مردود إلى القياس (ولنا) ان الجهات وان اختلفت صورة فهي في المعنى واحد لان المقصود من الكل التقرب إلى الله عز شأنه وكذلك ان أراد بعضهم العقيقة عن ولد ولد له من قبل لان ذلك جهة التقرب إلى الله تعالى عز شأنه بالشكر على ما أنعم عليه من الولد كذا ذكر محمد رحمه الله في نوادر الضحايا ولم يذكر ما إذا أراد أحدهم الوليمة وهي ضيافة التزويج وينبغي ان يجوز لأنها إنما تقام شكر الله تعالى عز شأنه على نعمة النكاح وقد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قال أولم ولو بشاة فإذا قصد بها الشكر أو إقامة السنة فقد أراد بها التقرب إلى الله عز شانه وروى عن أبي حنيفة رحمه الله كره الاشتراك عند اختلاف الجهة وروى عنه أنه قال لو كان هذا من نوع واحد لكان أحب إلى وهكذا قال أبو يوسف رحمه الله ولو كان أحد الشركاء ذميا كتابيا أو غير كتابي وهو يريد اللحم أو أراد القربة في دينه لم يجزهم عندنا لان الكافر تتحقق منه القربة فكانت نيته ملحقة بالعدم فكان مريد اللحم والمسلم لو أراد اللحم لا يجوز عندنا فالكافر أولى وكذلك إذا كان أحدهم عبدا أو مدبر أو يريد الأضحية لان نيته باطلة لأنه ليس من أهل هذه القربة فكان نصيبه لحما فيمتنع الجواز أصلا وإن كان أحد الشركاء ممن يضحى عن ميت جاز وروى عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجوز وذكر في الأصل إذا اشترك سبعة في بدنة فمات أحدهم قبل الذبح فرضى ورثته أن يذبح عن الميت جاز استحسانا والقياس أن لا يجوز (وجه) القياس انه لما مات أحدهم فقد سقط عنه الذبح وذبح الوارث لا يقع عنه إذ الأضحية عن الميت لا تجوز فصار نصيبه اللحم وانه يمنع من جواز ذبح الباقين من الأضحية كما لو أراد أحدهم اللحم في حال حياته (وجه) الاستحسان أن الموت لا يمنع التقرب عن الميت بدليل أنه يجوز أن يتصدق عنه ويحج عنه وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لا يذبح من أمته وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح فدل ان الميت يجوز أن يتقرب عنه فإذا ذبح عنه صار نصيبه للقربة فلا يمنع جواز ذبح الباقين ولو اشترى رجل بقرة يريد أن يضحى بها ثم أشرك فيها بعد ذلك قال هشام سألت أبا يوسف فأخبرني ان أبا حنيفة رحمه الله قال أكره ذلك ويجزيهم أن يذبحوها عنهم قال وكذلك قول أبى يوسف قال قلت لأبي يوسف ومن نيته أن يشرك فيها قال لا أحفظ عن أبي حنيفة رحمه الله فيها شيئا ولكن لا أرى بذلك بأسا وقال في الأصل قال أرأيت في رجل اشترى بقرة يريد أن يضحى بها عن نفسه فأشرك فيها بعد ذلك ولم يشركهم حتى اشتراها فأتاه انسان بعد ذلك فأشركه حتى استكمل يعنى انه صار سابعهم هل يجزى عنهم قال نعم استحسن وان فعل ذلك قبل ان يشتريها كان أحسن وهذا محمول على الغنى إذا اشترى بقرة لأضحيته لأنها لم تتعين لوجوب التضحية بها وإنما يقيمها عند الذبح مقام ما يجب عليه أو واجب عليه فيخرج عن عهدة الواجب بالفعل فيما يقيمه فيه فيجوز اشتراكهم فيها وذبحهم الا أنه يكره لأنه لما اشتراها ليضحى بها فقد وعد وعدا فيكره أن يخلف الوعد فأما إذا كان فقيرا فلا يجوز له أن يشرك فيها لأنه أوجبها على نفسه بالشراء للأضحية فتعينت للوجوب فلا يسقط عنه ما أوجبه على نفسه وقد قالوا في مسألة الغنى إذا أشرك بعد ما اشتراها للأضحية انه ينبغي أن يتصدق بالثمن وان لم يذكر ذلك محمد رحمه الله لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى حكيم بن حزام دينارا وأمره أن يشترى له أضحية فاشترى شاة فباعها بدينارين واشترى بأحدهما شاة وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام بشاة ودينار وأخبره بما صنع فقال له عليه الصلاة والسلام بارك الله في صفقة يمينك وأمر عليه الصلاة والسلام أن يضحى بالشاة ويتصدق بالدينار لما أنه قصد اخراجه للأضحية كذا ههنا (ومنها) أن تكون نية الأضحية مقارنة للتضحية كما في باب الصلاة لأن النية معتبرة في الأصل فلا يسقط اعتبار القران الا لضرورة كما في باب الصوم لتعذر قران النية لوقت الشروع لما فيه من الحرج (ومنها) اذن صاحب
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306