روى عن محمد رحمه الله انه يبيعها من المشايخ من فصل بين الموسر والمعسر فقال إن كان موسرا فالجواب كذلك لأنه ما أوجب بهذا الشراء شيئا على نفسه وإنما قصد به اسقاط الواجب عن نفسه فإذا سافر تبين أنه لا وجوب عليه فكان له ان يبيعها كما لو شرع في العبادة على ظن أنها عليه ثم تبين أنها ليست عليه أنه لا يلزمه الاتمام وإن كان معسرا ينبغي أن تجب عليه ولا تسقط عنه بالسفر لان هذا ايجاب من الفقير بمنزلة النذر فلا يسقط بالسفر كما لو شرع في التطوع أنه يلزمه الاتمام القضاء بالافساد كذا ههنا وان سافر بعد دخول الوقت قالوا ينبغي أن يكون الجواب كذلك لما ذكرنا ومنها الغنى لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من وجد سعة فليضح شرط عليه الصلاة والسلام السعة وهي الغنى ولأنا أوجبناها بمطلق المال ومن الجائز أن يستغرق الواجب جميع ماله فيؤدى إلى الحرج فلابد من اعتبار الغنى وهو أن يكون في ملكه مائتا درهم أو عشرون دينارا أو شئ تبلغ قيمته ذلك سوى مسكنه وما يتأثث به وكسوته وخادمه وفرسه وسلاحه وما لا يستغنى عنه وهو نصاب صدقة الفطر وقد ذكرناه وما يتصل به من المسائل في صدقة الفطر ولو كان عليه دين بحيث لو صرف إليه بعض نصابه لا ينقص نصابه لا تجب لان الدين يمنع وجوب الزكاة فلان يمنع وجوب الأضحية أولى لان الزكاة فرض والأضحية واجبة والفرض فوق الواجب وكذا لو كان له مال غائب لا يصل إليه في أيام النحر لأنه فقير وقت غيبة المال حتى تحل له الصدقة بخلاف الزكاة فإنها تجب عليه لان جميع العمر وقت الزكاة وهذه قربة موقتة فيعتبر الغنى في وقتها ولا يشترط أن يكون غنيا في جميع الوقت حتى لو كان فقيرا في أول الوقت ثم أيسر في آخره يجب عليه لما ذكرنا ولو كان له مائتا درهم فحال عليها الحول فزكاها بخمسة دراهم ثم حضرت أيام النحر وماله مائة وخمسة وتسعون لا رواية فيه وذكر الزعفراني أنه تجب عليه الأضحية لان النصاب وان انتقص لكنه انتقص بالصرف إلى جهة هي قربة فيجعل قائما تقديرا حتى لو صرف خمسة منها إلى النفقة لا تجب لانعدام الصرف إلى جهة القربة فكان النصاب ناقصا حقيقة وتقديرا فلا يجب ولو اشترى الموسر شاة للأضحية فضاعت حتى أنتقص نصابه وصار فقيرا فجاءت أيام النحر فليس عليه أن يشترى شاة أخرى لان النصاب ناقص وقت الوجوب فلم يوجد شرط الوجوب وهو الغنى فلو أنه وجدها وهو معسر وذلك في أيام النحر فليس عليه أن يضحى بها لأنه معسر وقت الوجوب ولو ضاعت ثم اشترى أخرى وهو موسر فضحى بها ثم وجد الأولى وهو معسر لم يكن عليه أن يتصدق بشئ لما قلنا وجميع ما ذكرنا من الشروط يستوى فيها الرجل والمرأة لان الدلائل لا تفصل بينهما وأما البلوغ والعقل فليسا من شرائط الوجوب في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر هما من شرائط الوجوب حتى تجب الأضحية في مال الصبي والمجنون إذا كانا موسرين عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله حتى لو ضحى الأب أو الصبي من مالهما لا يضمن عندهما وعند محمد وزفر رحمهما الله يضمن وهو على الاختلاف الذي ذكرنا في صدقة الفطر والحج ذكرت هنالك ومن المتأخرين من قال لا خلاف بينهم في الأضحية انها لا تجب في مالهما لان القربة في الأضحية هي إراقة الدم وانها اتلاف ولا سبيل إلى اتلاف مال الصغير والتصدق باللحم تطوع ولا يجوز ذلك في مال الصغير والصغير في العادة لا يقدر على أن يأكل جميع اللحم ولا يجوز بيعه ولا سبيل للوجوب رأسا والصحيح أنه على الاختلاف وتجب الأضحية عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله ولا يتصدق باللحم لما قلنا لكن يأكل منها الصغير ويدخر له قدر حاجته ويبتاع بالباقي ما ينتفع بعينه كابتياع البالغ بجلد الأضحية ما ينتفع بعينه والذي يجن ويفيق يعتبر حاله في الجنون والإفاقة فإن كان مجنونا في أيام النحر فهو على الاختلاف وإن كان مفيقا يجب بلا خلاف وقيل إن حكمه حكم الصحيح كيف ما كان وما بلغ من الصغار في أيام النحر وهو موسر يجب عليه باجماع بين أصحابنا لان الأهلية من الحرفي آخر الوقت لا في أوله كما لا يشترط اسلامه وحريته وإقامته في أول الوقت لما بينا ولا يجب على الرجل أن يضحى عن عبده ولا عن ولده الكبير وفى وجوبها عليه من ماله لولده الصغير روايتان كذا ذكره القدوري رحمه الله وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انها لا تجب في ظاهر الرواية ولكن الأفضل أن يفعل ذلك وأطلق
(٦٤)