بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٨
أبي حنيفة حتى إنه إذا قلع الباقي كان على خياره أن شاء رد الكل وان شاء أمسك الكل وقال أبو يوسف ومحمد إذا قلع شيئا مما يستدل به على الباقي في عظمه ورضى به المشترى فهو لازم (وجه) قولهما انه إذا قلع ما يستدل به على الباقي كان رؤية بعضه كرؤية كله فكأنه قلع الكل ورضى به كما إذا اشترى صبرة فرأى ظاهرها يسقط خياره كذا هذا (وجه) قول أبي حنيفة ان هذه المغيبات مما تختلف بالصغر والكبر والجودة والرداءة اختلافا فاحشا فرؤية البعض منها لا تفيد العلم بحال البقية فأشبه الثياب وسائر العدديات المتفاوتة ولو قطع المشترى الكل بغير اذن البائع سقط خياره لأنه نقص المعقود عليه بالقلع لأنه كان ينمو في الأرض ويزيد ولا يتسارع إليه الفساد وبعد القلع لا ينمو ويتسارع إليه الفساد وانتقاص المعقود عليه في يد المشترى بغير صنعه يسقط الخيار ويلزم البيع فبصنعه أولى وكذا إذا قلع بعضه بغير اذنه لأنه نقص بعض المبيع وانتقاص بعض المبيع بنفسه يمنع رد الباقي فبصنعه أولى وان قلع كله باذن البائع أو بعضه أو قلع الباقي بنفسه لم يذكر الكرخي هذا الفصل وينبغي أن لا يختلف الجواب فيه على قياس قول أبي حنيفة ومحمد كما في البيع بشرط الخيار للمشترى إذا انتقص المبيع بفعل البائع انه يسقط خيار المشترى عندهما وهو قول أبى يوسف الأول وفى قوله الآخر لا يسقط وروى بشر عن أبي يوسف ان المشترى إذا قلع البعض باذن البائع أو قلع البائع بعضه أنه ينظر إن كان المغيب مما يباع بالكيل أو الوزن بعد القلع فقلع قدر ما يدخل تحت الكيل أو الوزن ورضى به يلزم البيع ويسقط خياره لان الرضا ببعض المكيل بعد رؤيته رضا بالكل لان رؤية بعضه تعرف حال الباقي الا إذا كان المقلوع قليلا لا يدخل تحت الكيل فلا يسقط خياره لان قلعه والترك بمنزلة واحدة فكأنه لم يقلع منه شيئا وإن كان مما يباع عددا كالسلق والفجل ونحوها فقلع بعضا منه فهو على خياره لان رؤية البعض منه لا تفيد العلم بحال الباقي للتفاوت الفاحش بين الصغير والكبير من هذا الجنس فلا يحصل المقصود برؤية البعض فيبقى على خياره وقال أبو يوسف إذا اختلف البائع والمشترى في القلع فقال المشترى انى أخاف ان قلعته لا يصلح لي ولا أقدر على الرد وقال البائع انى أخاف ان قلعته لا ترضى به فمن تطوع منهما بالقلع جاز وان تشاحا على ذلك فسخ القاضي العقد بينهما لأنهما إذا تشاحا فلا سبيل إلى الاجبار لما في الاجبار من الاضرار فتعذر التسليم فلم يكن في بقاء العقد فائدة فيفسخ والله عز وجل أعلم هذا الذي ذكرنا بيان ما يسقط به الخيار بعد ثبوته في حق البصير فأما الأعمى إذا اشترى شيئا وثبت له الخيار فان خياره يسقط بما ذكرنا من الأسباب المسقطة لكن بعدما وجد منه ما يقوم مقام الرؤية وهو الجس فيما يجس والذوق فيما يذاق والشم فيما يشم والوصف فيما يوصف كالدار والعقار والثمار على رؤس الأشجار ونحوها إذا كان الموصوف على ما وصف وكان ذلك في حقه بمنزلة الرؤية في حق البصير وروى عن الحسن بن زياد أنه قال يوكل بصيرا بالرؤية وتكون رؤية الوكيل قائمة مقام رؤيته وروى هشام عن محمد أنه يقوم من المبيع في موضع لو كان بصيرا لرآه ثم يوصف له لان هذا أقصى ما يمكن ولو وصف له فرضى به ثم أبصر لا يعود الخيار لان الوصف في حقه كالخلف عن الرؤية لعجزه عن الأصل والقدرة على الأصل بعد حصول المقصود بالخلف لا يبطل حكم الخلف كمن صلى بطهارة التيمم ثم قدر على الماء ونحو ذلك ولو اشترى البصير شيئا لم يره حتى ثبت له الخيار ثم عمى فهذا والأعمى عند الشراء سواء لأنه ثبت له خيار الرؤية وهو أعمى فكانت رؤيته رؤية العميان وهي ما ذكرنا والله عز وجل أعلم (وأما) بيان ما ينفسخ به العقد فالكلام في هذا الفصل في موضعين أحدهما في بيان ما ينفسخ به العقد والثاني في بين شرائط صحة الفسخ أما الأول فما ينفسخ به العقد نوعان اختياري وضروري فالاختياري هو أن يقول فسخت العقد أو نقضته أو رددته وما يجرى هذا المجرى والضروري أن يهلك المبيع قبل القبض (وأما) شرائط صحته فمنها قيام الخيار لان الخيار إذا سقط لزم العقد والعقد اللازم لا يحتمل الفسخ ومنها أن لا يتضمن الفسخ تفريق الصفقة على البائع وان تضمن بأن رد بعض المبيع دون البعض لم يصح وكذا إذا رد البعض وأجاز البيع في البعض لم يجز سواء كان قبل قبض المعقود عليه أو بعده لان خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة فكان هذا تفريق الصفقة
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306