ومصراعي الباب وكل شئ لا ينتفع بأحدهما فيما وضع له بدون الآخر فلا يخلو اما أن يكون المشترى قبض كل المبيع واما ان لم يقبض شيئا منه واما ان قبض البعض دون البعض والحادث في المبيع لا يخلو اما أن يكون عيبا أو استحقاقا اما العيب فان وجده ببعض المبيع قبل القبض لشئ منه فالمشترى بالخيار ان شاء رضى بالكل ولزمه جميع الثمن وان شاء رد الكل وليس له أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن سواء كان المبيع شيئا واحدا أو أشياء لان الصفقة لا تمام لها قبل القبض وتفريق الصفقة قبل تمامها باطل والدليل على أن الصفقة لا تتم قبل القبض ان الموجود قبل القبض أصل العقد والملك لا صفة التأكيد ألا ترى انه يحتمل الانفساخ بهلاك المعقود عليه وهو انه عدم التأكيد وإذا قبض وقع الامر عن الانفساخ بالهلاك فكان حصول التأكيد بالقبض والتأكيد اثبات من وجه أو له شبهة الاثبات وكذا ملك التصرف يقف على القبض فيدل على نقصان الملك قبل القبض ونقصان الملك دليل نقصان العقد وكذا المشترى إذا وجد بالمبيع عيبا ينفسخ البيع بنفس الرد من غير الحاجة إلى قضاء القاضي ولا إلى التراضي ولو كانت الصفقة تامة قبل القبض لما احتمل الانفساخ بنفس الرد كما بعد القبض فيثبت بهذه الدلائل ان الصفقة ليست بتامة قبل القبض والدليل على أنه لا يجوز تفريق الصفقة على البائع قبل تمامها ان التفريق اضرار بالبائع والضرر واجب الدفع ما أمكن وبيان الضرر ان المبيع لا يخلو اما أن يكون شيئا واحد واما أن يكون أشياء حقيقة شيئا واحدا تقديرا والتفريق تضمن الشركة والشركة في الأعيان عيب فكان التفريق عيبا وانه عيب زائد لم يكن عند البائع فيتضرر به البائع وإن كان المبيع أشياء فالتفريق يتضمن ضررا آخر وهو لزوم البيع في الجيد بثمن الردئ لان ضم الردئ إلى الجيد والجمع بينهما في الصفقة من عادة التجار ترويجا للردئ بواسطة الجيد فمن الجائز أن يرى المشترى العيب بالردئ فيرده فيلزم البيع في الجيد بثمن الردئ فيتضرر به البائع فدل ان في التفريق ضررا فيجب دفعه ما أمكن ولهذا لم يجز التفريق في القبول بأن أضاف الايجاب إلى جملة فقبل المشترى في البعض دون البعض دفعا للضرر عن البائع بلزوم حكم البيع في البعض من غير إضافة الايجاب إليه لأنه ما أوجب البيع الا في الجملة فلا يصح القبول الا في الجملة لئلا يزول ملكه من غير ازالته فيتضرر به على أن تمام الصفقة لما تعلق بالقبض كان القبض في معنى القبول من وجه فكان رد البعض وقبض البعض تفريقا في القبول من وجه فلا يملك الا أن يرضى البائع برد المعيب عليه فيأخذه ويدفع حصته من الثمن فيجوز ويأخذ المشترى الباقي بحصته من الثمن لان امتناع الرد كان لدفع الضرر عنه نظرا له فإذا رضى به فلم ينظر لنفسه وإن كان المشترى قبض بعض المبيع دون البعض فوجد ببعضه عيبا فكذلك لا يملك رد المعيب خاصة بحصته من الثمن سواء كان المبيع شيئا واحد أو أشياء وسواء وجد العيب بغير المقبوض أو بالمقبوض في ظاهر الرواية لان الصفقة لا تتم الا بقبض جميع المعقود عليه فكان رد البعض دون البعض تفريق الصفقة قبل التمام وانه باطل وروى عن أبي يوسف أنه إذا وجد العيب بغير المقبوض فكذلك فاما إذا وجد بالمقبوض فله أن يرده خاصة بحصته من الثمن فهو نظر إلى المعيب منهما أيهما كان واعتبر الآخر به فإن كان المعيب غير المقبوض اعتبر الآخر غير مقبوض فكأنهما لم يقبضا جميعا وإن كان المعيب مقبوضا اعتبر الآخر مقبوضا فكأنه قبضهما جميعا لكن هذا الاعتبار ليس بسديد لأنه في حد التعارض إذ ليس اعتبار غير المعيب بالمعيب في القبض وعدمه أولى من اعتبار المعيب بغير المعيب في القبض بل هذا أولى لان الأصل عدم القبض والعمل بالأصل عند التعارض أولى هذا إذا كان المشترى لم يقبض شيئا من المبيع أو قبض البعض دون البعض فإن كان قبض الكل ثم وجد به عيبا فإن كان المبيع شيئا واحدا حقيقة وتقديرا فكذلك الجواب ان المشترى ان شاء رضى بالكل بكل الثمن وان شاء رد الكل واسترد جميع الثمن وليس له أن يرد قدر المعيب خاصة بحصته من الثمن لما ذكرنا ان فيه الزام عيب الشركة وانها عيب حادث مانع من الرد وإن كان أشياء حقيقة شيئا واحد تقديرا فكذلك لان افراد أحدهما بالرد اضرار بالبائع إذ لا يمكن الانتفاع بأحدهما فيما وضع له بدون الآخر فكانا فيما وضعا له من المنفعة كشئ واحد فكان المبيع شيئا
(٢٨٧)