الكلام ونسخ المشروعية نسخ الحكم والحكم هو المقصود والكلام وسيلة ونسخ الوسيلة أولى من نسخ المقصود والله عز وجل أعلم (وأما) صفة هذا الحكم فنقول له صفات منها انه ملك غير لازم بل هو مستحق الفسخ فيقع الكلام في هذه الصفة في مواضع في بيان ان الثابت بهذا البيع مستحق الفسخ وفي بيان من يملك الفسخ وفي بيان ما يكون فسخا وفي بيان شرط صحة الفسخ وفي بيان ما يبطل به حق الفسخ بعد ثبوته اما بيان ان الثابت بهذا البيع أوجب الفسخ فهو ان البيع وإن كان مشروعا في ذاته فالفساد مقترن به ذكرا ودفع الفساد واجب ولا يمكن الا بفسخ العقد فيستحق فسخه لكن لغيره لا لعينه حتى لو أمكن دفع الفساد بدون فسخ البيع لا يفسخ كما إذا كان الفساد لجهالة الأجل فأسقطاه يسقط ويبقى البيع مشروعا كما كان ولان اشتراط الربا وشرط الخيار مجهول وادخال الآجال المجهولة في البيع ونحو ذلك معصية والزجر عن المعصية واجب واستحقاق الفسخ يصلح زاجرا عن المعصية لأنه إذا علم أنه يفسخ فالظاهر أنه يمتنع عن المباشرة (وأما) بيان من يملك الفسخ فنقول وبالله التوفيق الفساد لا يخلو اما أن يكون راجعا إلى البدل بان باع بالخمر والخنزير واما ان لم يكن راجعا إليه كالبيع بشرط منفعة زائدة لاحد العاقدين أو إلى أجل مجهول والحال لا يخلو اما إن كان قبل القبض واما إن كان بعده فإن كان قبل القبض فكل واحد من العاقدين يملك الفسخ من غير رضا الاخر كيف ما كان الفساد لان البيع الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض فكان الفسخ قبل القبض بمنزلة الامتناع عن القبول والايجاب فيملكه كل واحد منهما كالفسخ بخيار شرط العاقدين وإن كان بعد القبض فإن كان الفساد راجعا إلى البدل فالجواب فيه وفيما قبل القبض سواء لان الفساد الراجع إلى البدل فساد في صلب العقد ألا ترى أنه لا يمكن تصحيحه بخلاف هذا المفسد لما أنه لا قوام للعقد الا بالبدلين فكان الفساد قويا فيؤثر في صلب العقد بسلب اللزوم عنه فيظهر عدم اللزوم في حقهما جميعا ولو لم يكن راجعا إلى البدل فقد ذكر الامام الاسبيجابي في شرحه مختصر الطحاوي ان ولاية الفسخ لصاحب الشرط لا لصاحبه ولم يحك خلافا لان الفساد الذي لا يرجع إلى البدل لا يكون قويا لكونه محتملا للحذف والاسقاط فيظهر في حق صاحب الشرط لا غير ويؤثر في سلب اللزوم في حقه لا في حق صاحبه وذكر الكرخي الاختلاف في المسألة فقال في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله يملك كل واحد منهما الفسخ وعلى قول محمد رحمه الله حق الفسخ لمن شرط له المنفعة لا غير (وجه) قوله على نحو ما ذكرنا ان من له شرط المنفعة قادر على تصحيح العقد بحذف المفسد واسقاطه فلو فسخه الآخر لأبطل حقه عليه وهذا لا يجوز (وجه) قولهما ان العقد في نفسه غير لازم لما فيه من الفساد بل هو مستحق الفسخ في نفسه رفعا للفساد وقوله المفسد ممكن الحذف فنعم لكنه إلى أن يحذف فهو قائم وقيامه يمنع لزوم العقد وبه تبين ان الفسخ من صاحبه ليس بابطال لحق صاحب الشرط لان ابطال الحق قبل ثبوته محال (وأما) بيان ما يكون فسخا لهذا العقد ففسخه بطريقين قول وفعل فالقول هو أن يقول من يملك الفسخ فسخت أو نقضت أو رددت ونحو ذلك فينفسخ بنفس الفسخ ولا يحتاج إلى قضاء القاضي ولا إلى رضا البائع سواء كان قبل القبض أو بعده لان هذا البيع إنما استحق الفسخ حقا لله عز وجل لما في الفسخ من رفع الفساد ورفع الفساد حق الله تعالى على الخلوص فيظهر في حق الكل فكان فسخا في حق الناس كافة فلا تقف صحته على القضاء ولا على الرضا والفعل هو أن يرد المبيع على بائعه على أي وجه مارده ببيع أو هبة أو صدقة أو إعارة أو ايداع بان باعه منه أو وهبه أو تصدق عليه أو أعاره منه أو أودعه إياه يبرأ المشترى عن الضمان لأنه يستحق الرد على البائع فعلى أي وجه مارده يقع عن جهة الاستحقاق بمنزلة رد العارية والوديعة أنه يكون فسخا والوديعة باي طريق كان الرد لما قلنا كذا هذا وكذا لو باعه المشترى من وكيل البائع وسلمه إليه لان حكم البيع يقع لموكله وهو البائع فكأنه باعه للبائع ولو باعه المشترى من عبد بائعه وهو مأذون له في التجارة فإن لم يكن عليه دين كان فسخا للبيع ولا يبرأ عن المشترى ضمانه حتى يصل إلى البائع لأنه إذا لم يكن عليه دين فحكم تصرفه وقع للمولى فكان بيعا من المولى وإن كان عليه دين لا يكون فسخا للبيع ويتقرر الضمان على المشترى لأنه إذا كان عليه دين فحكم تصرفه
(٣٠٠)