روى الحسن عن أبي حنيفة ولو اشترى ثوبا واحدا فرأى ظاهره مطويا ولم ينشره فإن كان ساذجا ليس بمنقش ولا بذى علم فلا خيار له لان رؤية ظاهره مطويا تفيد العلم بالباقي وإن كان منقشا فهو على خياره ما لم ينشره ويرى نقشه لان النقش في الثوب المنقش مقصود وان لم يكن منقشا ولكنه ذو علم فرأى علمه فلا خيار له وان لم ير كله ولو رأى كله الا علمه فله الخيار لان العلم في الثوب المعلم مقصود كالنقش ولو اشترى دارا فرأى خارجها أو بستانا فرأى خارجه ورؤس الأشجار فلا خيار له كذا ذكر في ظاهر الرواية لان الدار شئ واحد وكذا البستان فكان رؤية البعض رؤية الكل الا ان مشايخنا قالوا إن هذا مؤول وتأويله ان لا يكون في داخل الدار بيوت وأبنية فيحصل المقصود برؤية الخارج فاما إذا كان داخلها أبنية فله الخيار ما لم ير داخلها لان الداخل هو المقصود من الدار والخارج كالتابع له بمنزلة الثوب المعلم إذا رأى كله الا علمه كان له الخيار لان العلم هو المقصود منه وذكر الكرخي ان أبا حنيفة عليه الرحمة أجاب على عادة أهل الكوفة في زمنه فان دورهم في زمنه كانت لا تختلف في البناء وكانت على تقطيع واحد وهيئة واحدة وإنما كانت تختلف في الصغر والكبر والعلم به يحصل برؤية الخارج وأما الآن فلابد من رؤية داخل الدار وهو الصحيح لاختلاف الأبنية في داخل الدور في زماننا اختلافا فاحشا فرؤية الخارج لا تفيد العلم بالداخل والله عز وجل أعلم هذا إذا كان المشترى شيئا واحدا فرأى بعضه فاما إن كان أشياء فرأى وقت الشراء بعضها دون البعض فلا يخلو اما إن كان من المكيلات أو الموزونات فرأى بعضها وقت الشراء فإن كان في وعاء واحد فلا خيار له لان رؤية البعض فيها تفيد العلم بالباقي فكان رؤية البعض كرؤية الكل الا إذا وجد الباقي بخلاف ما رأى فيثبت له الخيار لكن خيار العيب لا خيار الرؤية وإن كان في وعاءين فإن كان الكل من جنس واحد وعلى صفة واحدة اختلف المشايخ فيه قال مشايخ بلخ له الخيار لان اختلاف الوعاءين جعلهما كجنسين وقال مشايخ العراق لا خيار له وهو الصحيح لان رؤية البعض من هذا الجنس تفيد العلم بالباقي سواء كان في وعاء واحد أو في وعاءين بعد إن كان الكل من جنس واحد وعلى صفة واحدة فإن كان من جنسين أو من جنس واحد على صفتين فله الخيار بلا خلاف لان رؤية البعض من جنس وعلى وصف لا تفيد العلم بجنس آخر وعلى وصف آخر وإن كان من العدديات المتفاوتة كالعبيد والدواب والثياب بان اشترى جماعة عبيدا وجواري أو إبل أو بقر أو قطيع غنم أو جراب هروى فرأى بعضها أو كلها الا واحدا فله الخيار بين أن يرد الكل أو يمسك الكل لان رؤية البعض من هذا الجنس لا تفيد العلم بما وراءه فكأنه لم ير شيئا منه بخلاف المكيل والموزون لان رؤية البعض منه تفيد العلم بالباقي ولو اشترى جماعة ثياب في جراب ورأي أطراف الكل أو طي الكل لا خيار له الا إذا كانت معلمة أو منقشة لأنها إذا لم تكن معلمة ولا منقشه لم يكن البعض من كل واحد منها مقصودا والبعض تبعا ورؤية البعض تفيد العلم بحال الباقي فكان رؤية البعض رؤية الكل كما إذا اشترى البطيخ في السريجة والرمان في القفة فرأى البعض فله الخيار لان البعض منها ليس تبعا للبعض بل كل واحد منها مقصود بنفسه فرؤية البعض منها لا تفيد العلم بالباقي لكونها متفاوتة تفاوتا فاحشا فكان له الخيار وإن كان من العدديات المتقاربة كالجوز والبيض فرأى البعض منها ذكر الكرخي ان له الخيار والحقه بالعدديات المتفاوتة لاختلافها في الصغر والكبر كالبطيخ والرمان وذكر القاضي الامام الاسبيجابي رحمه الله في شرحه مختصر الطحاوي انه لا خيار له وهو الصحيح لان التفاوت بين صغير البيض والجوز وكبيرهما متقارب ملحق بالعدم عرفا وعادة وشرعا ولهذا الحق بالعدم في السلم حتى جاز السلم فيها عددا عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر فكان رؤية بعضه معرفا حال الباقي ويحتمل أن يكون الجواب على ما ذكره الكرخي ويفرق بين هذا وبين السلم وهو ان البيض والجوز مما يتفاوت في الصغر والكبر حقيقة والأصل في الحقائق اعتبارها الا ان الشرع أهدر هذا التفاوت والحقه بالعدم في السلم لحاجة الناس ولا حاجة إلى الاهدار في اسقاط الخيار فبقي التفاوت فيه معتبرا فرؤية البعض لا تحصل المقصود وهو العلم بحال الباقي فبقي الخيار والله عز وجل أعلم ولو اشترى دهنا في قارورة فرأى خارج القارورة فعن محمد روايتان روى ابن سماعة عنه انه
(٢٩٤)