واحدا من حيث المعنى فبالرد تثبت الشركة من حيث المعنى والشركة في الأعيان عيب وإذا كان يمكن الانتفاع بأحدهما بدون صاحبه فيما وضع له كان التفريق تعييبا فيعود المبيع إلى البائع بعيب زائد حادث لم يكن عنده وإن كان أشياء حقيقة وتقديرا فليس له ان يرد الكل الا عند التراضي وله أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر والشافعي رحمهما الله ليس له ذلك بل يردهما أو يمسكهما (وجه) قولهما ان في التفريق بينهما في الرد اضرارا بالبائع لما ذكرنا أن ضم الردئ إلى الجيد في البيع من عادة التجار ليروج الردئ بواسطة الجيد وقد يكون العيب بالردئ فيرده على البائع ويلزمه البيع في الجيد بثمن الردئ وهذا اضرار بالبائع ولهذا امتنع الرد قبل القبض فكذا هذا (ولنا) ان ما ثبت له حق الرد وجد في أحدهما فكان له ان يرد أحدهما وهذا لان حق الرد إنما يثبت لفوات السلامة المشروطة في العقد دلالة والثابتة مقتضى العقد على ما بينا والسلامة فاتت في أحدهما فكان له رده خاصة فلو امتنع الرد إنما يمتنع لتضمنه تفريق الصفقة وتفريق الصفقة باطل قبل التمام لا بعده والصفقة قد تمت بقبضهما فزال المانع (وأما) قولهما يتضرر البائع برد الردئ خاصة فنعم لكن هذا ضرر مرضى به من جهته لان اقدامه على بيع المعيب وتدليس العيب مع علمه ان الظاهر من حال المشترى أنه لا يرضى بالعيب دلالة الرضا بالرد لخلاف ما قبل القبض لأنه لا تمام للعقد قبل القبض فلا يكون قبل القبض دلالة الرضا بالرد فكان الرد ضررا غير مرضى به فيجب دفعه وهذا بخلاف خيار الشرط وخيار الرؤية ان المشترى لا يملك رد البعض دون البعض سواء قبض الكل أو لم يقبض شيئا أو قبض البعض دون البعض وسواء كان المعقود عليه شيئا واحدا أو أشياء لان خيار الشرط والرؤية يمنع تمام الصفقة بدليل أنه يرده بغير قضاء ولا رضا سواء كان قبل القبض أو بعده ولو تمت الصفقة لما احتمل الرد الا بقضاء القاضي أو التراضي دل أن هذا الخيار يمنع تمام الصفقة ولا يجوز تفريق الصفقة قبل التمام وههنا بخلافه ولو قال المشترى انا أمسك المعيب وآخذ النقصان ليس له ذلك لان قوله أمسك المعيب دلالة الرضا بالمعيب وانه يمنع الرجوع بالنقصان وكذلك لو كان المبيع أشياء فوجد بالكل عيبا فأراد رد البعض دون البعض ان المردود إن كان مما لو كان العيب به وحده لكان له رده وحده كالعبدين والثوبين فله ذلك لأنه إذا أمسك البعض فقد رضى بعيبه فبطل حق الرد فيه لأنه تبين ان صفة السلامة لم تكن مشروطة ولا مستحقة بالعقد فيه فصار كأنه كان صحيحا في الأصل ووجد بالآخر عيبا فيرده وإن كان المردود مما لو كان العيب به وحده لكان لا يرده كالخفين والنعلين ونحوهما ليس له ذلك لما ذكرنا ان التفريق بينها تعييب ولو اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا قبل القبض فقبض المعيب وهو عالم بالعيب لم يكن له ان يرد وسقط خياره ولزمه العبدان لان قبض المعيب مع العلم بالعيب دليل الرضا وللقبض شبه بالعقد فكان الرضا به عند القبض كالرضا به عند العقد ولو رضى به عند العقد يسقط خياره فلزماه جميعا كذا هذا ولو قبض الصحيح منهما ولو كانا معيبين فقبض أحدهما لم يسقط خياره لأنه قبض بعض المعقود عليه والصفقة لا تتم بقبض بعض المعقود عليه وإنما تتم بقبض الكل فلو لزمه العقد في المقبوض دون الآخر لتفرقت الصفقة على البائع قبل التمام وتفريق الصفقة قبل التمام باطل ولا يمكن اسقاط حقه عن غير المقبوض لأنه لم يرض به فبقي له الخيار على ما كان والله عز وجل أعلم (وأما) الاستحقاق فان استحق بعض المعقود عليه قبل القبض ولم يجز المستحق بطل العقد في القدر المستحق لأنه تبين ان ذلك القدر لم يكن ملك البائع ولم توجد الإجازة من المالك فبطل وللمشتري الخيار في الباقي ان شاء رضى به بحصته من الثمن وان شاء رده سواء كان استحقاق ما استحقه يوجب العيب في الباقي أو لا يوجب لأنه إذا لم يرض المستحق فقد تفرقت الصفقة على المشترى قبل التمام فصار كعيب ظهر بالسلعة قبل القبض وذلك يوجب الخيار فكذا هذا وإن كان الاستحقاق بعد قبض البعض دون البعض فكذلك الجواب سواء ورد الاستحقاق على المقبوض وعلى غير المقبوض فإن كان قبض الكل ثم استحق بعضه بطل البيع في القدر المستحق لما قلنا ثم ينظر إن كان استحقاق ما استحق يوجب العيب في الباقي بأن كان المعقود عليه شيئا واحدا حقيقة وتقديرا
(٢٨٨)